أحمد عوض
في الوقت الذي یقر فیه الجمیع بالأھمیة القصوى لاتخاذ إجراءات عاجلة لتحفیز الاقتصاد الوطني للخروج من حالة التباطؤ الاقتصادي التي نعاني منھا منذ سنوات، فإن على الإجراءات والأدوات المتوقع استخدامھا من قبل الحكومة أن لا تمس الحمایات الاجتماعیة التي تقدم للعاملین على وجه الخصوص.
نشیر إلى ذلك، في الوقت الذي قدمت فیه الحكومة مقترحا لإجراء تعدیلات على قانون الضمان الاجتماعي في اطار سعیھا لتحفیز الاقتصاد، تمس في جانب منھا منظومة الحمایات الاجتماعیة (غیر الكاملة) المعمول بھا حالیا، وھنا یجدر الاشارة إلى التعدیلات الإیجابیة التي جاءت في التعدیلات الخاصة بالعسكریین والتي عززت الحمایات المقدمة لھم ولأسرھم.
إلا أن المستغرب كان في اقدام الحكومة على اجراء تعدیل یتمثل في إضافة فقرة على المادة الرابعة من القانون تسمح للحكومة بإصدار نظام یتم بموجبه استثناء بعض العاملین في بعض المنشآت التي یتم تسجیلھا بعد نفاذ أحكام القانون المعدل أو المسجلة قبل نفاذه من الشمول بالتأمینات المنصوص علیھا في القانون ولمدة خمس سنوات. ولتسمح لنا الحكومة بالقول إن ھذا التعدیل اقل ما یوصف به أنه ”غیر عادل“، لأن حرمان بعض العاملین من بعض الحمایات لأي مبرر، من شأنه أن یضعف منظومة الضمان الاجتماعي في الأردن كجزء من منظومة الحمایة الاجتماعیة التي تعاني أصلا من فجوات.
صحیح أننا بحاجة ماسة في الأردن إلى تحفیز النمو الاقتصادي وتشجیع الاستثمار لتجاوز التحدیات التي یواجھھا اقتصادنا، لما في ذلك من تأثیرات إیجابیة على خلق فرص عمل جدیدة وزیادة التحصیلات الضریبیة بما یساھم في تغطیة النفقات العامة المختلفة وتخفیض عجز الموازنة العامة، وتحسین العدید من المؤشرات الاقتصادیة والاجتماعیة. إلا أن ذلك یمكن أن یتم من خلال أدوات تحفیز أخرى غیر المساس بالحمایات الاجتماعیة التي تقدمھا المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي.
ومن ھذه الأدوات یمكن للحكومة الاستجابة للعدید من الدعوات المحلیة والدولیة بتخفیض اشتراكات الضمان الاجتماعي للعاملین في القطاع الخاص بشكل عام، إذ أن ھذه الاشتراكات البالغة 21.75 بالمائة من مجمل الأجور مرتفعة جدا، (یتحمل أصحاب الأعمال غالبیتھا)، خاصة وأن الحمایات الدنیا الواجب توفیرھا غیر مطبقة بالكامل، فما زال التأمین ضد البطالة والتأمین الصحي غیر معمول بھا. ولتحفیز الاقتصاد الوطني من خلال تقدیم حوافز للقطاع الخاص، یمكن للحكومة ان تقوم بتخفیض على الضرائب غیر المباشرة (الضریبة العامة على المبیعات والرسوم الجمركیة والضرائب الخاصة) للعدید من مدخلات الإنتاج في مختلف القطاعات الاقتصادیة التي تعاني من حالة تباطؤ شدید.
كذلك یمكنھا إجراء تخفیضات على ضریبة الدخل لمنشآت الأعمال في القطاعات التي تعاني من ھذا التباطؤ لتمكینھا من تجاوز التحدیات التي تواجھھا. إلى جانب ذلك، یمكن للحكومة العمل مع البنك المركزي لإجراء تخفیضات ملموسة على معدلات الفوائد البنكیة على التسھیلات الائتمانیة المقدمة لمنشآت الأعمال في مختلف القطاعات الاقتصادیة التي تعاني من حالة تباطؤ.
ویمكن كذلك تطویر العدید من الأدوات التي من شأنھا تحفیز الاقتصاد الوطني الذي یشكل أولویة للجمیع، دون المساس بالحمایات الاجتماعیة المقدمة للعاملین في إطار منظومة الضمان الاجتماعي، والتي نحن بأمس الحاجة إلى تعزیزھا وسد الفجوات التي تعاني منھا، ولیس اضعافھا.
صحيفة الغد الأردنية، 2019/7/8