أحمد عوض
في الوقت الذي تنشغل فیه الحكومة بتطویر وتطبیق سیاسات وأدوات لتحریك وتحفیز عجلة الاقتصاد الأردني، نجد أن تخفیض اشتراكات الضمان الاجتماعي التي تقتطع من العاملین وأصحاب الأعمال شھریا سیكون له أثر تحفیزي أیضا.
ما یشجع على تقدیم ھذا الاقتراح أن المركز المالي للمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي مریح؛ حیث تبلغ موجودات صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي حتى نھایة الربع الأول من العام الحالي ما یقارب 5.10 ملیارات دینار، وتفید الدراسات الاكتواریة ذات العلاقة أن وضع المركز المالي للمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي مستقر.
اقتطاعات الضمان الاجتماعي المعمول بھا حالیا مرتفعة مقارنة مع الحمایات الاجتماعیة التي تقدمھا منظومة الضمان الاجتماعي؛ حیث تبلغ 21.75 في المائة من مجمل الأجر الشھري للعامل، شاملة تأمین الشیخوخة والعجز والوفاة، وتأمین إصابات العمل، وتأمین الأمومة، وتأمین التعطل عن العمل، یتحمل العامل منھا 7.5 في المائة، ویتحمل صاحب العمل 14.25 في المائة.
ھذه النسب المرتفعة أرھقت الاقتصاد الأردني وزادت من الضغوط التي یعاني منھا في ھذه الأوقات الحرجة؛ حیث یعاني اقتصادنا من حالة تباطؤ مستمر منذ سنوات عدة، وأسھمت أیضا في زیادة معدلات البطالة، بسبب إحجام آلاف المنشآت في القطاع الخاص عن تشغیل مزید من العاملین بسبب ارتفاع اقتطاعات الضمان الاجتماعي التي تعد بمثابة (ضریبة اجتماعیة) الى جانب الضرائب الأخرى.
لیس ھذا فقط، بل أسھمت أیضا ھذه المعدلات المرتفعة لاقتطاعات الضمان الاجتماعي في زیادة مستویات التھرب التأمیني بأشكاله المختلفة؛ إذ ھنالك آلاف منشآت الأعمال في القطاع الخاص تمتنع عن تسجیل العاملین لدیھا في الضمان الاجتماعي، و/أو تسجیل جزء من العاملین لدیھا، و/أو تسجیل العاملین بأجور تقل عن أجورھم الحقیقة، الأمر الذي أدى ویؤدي الى إضعاف منظومة الحمایة الاجتماعیة في الأردن.
ھذا الاقتراح في الوقت الذي نؤكد فیه أن منظومة الضمان الاجتماعي القائمة متماسكة وتلعب دورا جوھریا في تعزیز الحمایة الاجتماعیة، ومطلوب تعزیز مكانتھا من خلال توسیع شمولھا لمئات آلاف العاملین في الأردن غیر المشمولین بالضمان الاجتماعي، وإلى حین تفعیل التأمین الصحي للمشتركین، والتأمین ضد البطالة، یبقى خیار تخفیض قیمة الاشتراكات منطقیا.
وفي ھذا السیاق، من المفید الإشارة الى أن الزیادات الأخیرة للاشتراكات والتي بدأت مع بدء تطبیق قانون الضمان الاجتماعي للعام 2014 جاءت في إطار تفاھمات شفویة بین مجلس النواب والحكومة آنذاك، للبدء بتنفیذ التأمین الصحي لمشتركي الضمان الاجتماعي، الأمر الذي لم تلتزم فیه الحكومة حتى الآن.
نود التأكید أن مثل ھكذا إجراء، حتى وإن كان لفترة زمنیة محدودة، سیسھم في دفع وتحفیز عجلة النمو الاقتصادي للخروج من مأزق التباطؤ الذي یعاني منه، الأمر الذي سیسھم في تخفیض معدلات البطالة، وھذا الإجراء لا یتطلب تعدیلات على قانون الضمان الاجتماعي؛ إذ إن نظام الشمول بتأمینات المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي ھو الناظم لذلك، وتعدیله من صلاحیات مجلس الوزراء.
صحيفة الغد الأردنية، 2019/5/6