الرئيسية > "ثقافة العيب" تتهاوى أمام الحاجة للعمل

"ثقافة العيب" تتهاوى أمام الحاجة للعمل

السبت, 21 حزيران 2014
النشرة الالكترونية
Phenix Center

المرصد العمالي- وداد السعودي - تدني الرواتب وعدم توافر أرضيات الحماية الاجتماعية، مثل: التأمين الصحي، والضمان الاجتماعي، جميعها عوامل تنأى بالشباب عن العمل في القطاع المهني.

التحاق علاء الشرايدة في مركز تدريب مهني الطفيلة، للمشاركة في برنامج تدريبي مدة عام، لم يحل دون عودته إلى صفوف العاطلين عن العمل مرة أخرى.

يقول إنه "وجد نفسه و277 من زملائه دون عمل، عقب تلقيهم تدريبات في مجال الحدادة، والنجارة"، مبينا أن إدارة المركز لم تف بوعودها لهم بتوفير فرص عمل.

وأضاف "عمِلت في قطاع التنظيفات 3 سنوات قبل التحاقي بالتدريب"، مشيرا أن غالبية الفرص المتوفرة بأجور متدنية، ومدد محددة، مما يُشعر العامل بغياب الأمن الوظيفي.

وبيّن الناطق باسم متعطلي معان راشد آل خطاب أن البعد عن العاصمة ساهم بزيادة البطالة في مناطق الجنوب، مؤكدا أن عمّان تتمتع بزخم سكاني واستثماري يجعلها أرضية قوية للعمل.

ويرى آل خطاب أن ثقافة العيب اختفت منذ زمن، مشيرا إلى اعتصامات نفذها شباب للمطالبة بفرص عمل، خاصة أن بعضهم تدرب في مراكز التدريب المهني على النجارة والحدادة، والطاقة الشمسية، والتمديدات الصحية، إلى جانب حصولهم على شهادات جامعية.

وأضاف "البعد الاجتماعي والعائلي لا يقف عائقا أمام الشباب فيما يتعلق بالتعطل عن العمل".

ويعيد آل خطاب السبب وراء مطالبات متعطلي الجنوب للعمل بالشركات الكبرى الموجودة فيه، لتوفيرها وظائف مناسبة برواتب جيدة، وميزات توفر الأمان الوظيفي لهم، وساعات عمل محددة.

من جانبه، اعترض الخبير الاقتصادي الدكتور مازن مرجي، على الطرح القائل إن "الشباب لا يريد العمل، جراء ثقافة العيب المنتشرة بينهم".

وأشار أن مفهوم "ثقافة العيب" بدأ بالتداول في الأردن في تسعينيات القرن الماضي،

مشددا أن الشباب لم يعد يؤمن بهـفي ظل الظروف الاقتصادية الحالية، التي تدفعه للبحث عن عمل يؤمن له العيش الكريم.

وبين أنه، منذ حوالي 50 عاما، كان أصحاب المهن أردنيين، قبل أن تتوافد موجات العمالة الوافدة في ستينيات وسبيعنيات القرن الماضي.

وذكر أن "توفر فرص العمل للأردنيين في دول الخليج برواتب أعلى وميزات أفضل، جعلتهم يهجرون مهنهم ويسافرون، لتحل مكانهم العمالة الوافدة".

ويواصل القول إن "سياسات الدولة المتبعة منذ زمن، رفعت نسبة المبتعدين عن العمل المهني، حيث شجعت على العمل في القطاع العام، والتجنيد في الجيش والأجهزة الأمنية المختلفة".

وأوضح أن العمالة الوافدة، خاصة المصرية والسورية منها، أصبحت تحتكر مهناً عدة، وأنشأت مشاريع خاصة بها، يشغلّون فيها عمالاً من بلدانهم.

وبحكم عمله أستاذاً جامعياً، أكد مرجي أنه يصادف بشكل دائم طلبة تغلبوا على ثقافة العيب، فأحدهم يعمل في "نتافة دجاج" صباحا، ومندوب مبيعات بعد الظهر، ويكمل يومه بالذهاب إلى الجامعة للدراسة، إلى جانب آخرين يعملون في رعي الأغنام، خاصة من يملك ذويهم الماشية،

وطالبات يعملن في الـسكرتاريا، وأخريات بمهنة التجميل، وآخرين يعملون سائقي تكاسي.

وقال مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية أحمد عوض إنه "على الرغم من الجهود المبذولة لتوليد فرص عمل جديدة، واستيعاب الأيدي العاملة في سوق العمل، إلا أن العديد من المؤشرات تظهر أن قطاعات واسعة من القوى العاملة تعاني من البطالة خاصة فئة الشباب".

ويرى أن ابتعاد الشباب عن العمل المهني، لا يرتبط بثقافة العيب، بقدر ارتباطه بظروف العمل الصعبة من حيث تدني معدلات الأجور، والعمل ساعات طويلة، وغياب الاستقرار الوظيفي، والحماية الاجتماعية، إضافة إلى حدوث انتهاكات تمس الحقوق العمالية والإنسانية الأساسية المنصوص عليها في تشريعات العمل الأردنية والدولية.

ويرى أستاذ علم الاجتماع والتنمية في جامعة فيلادلفيا سالم ساري أن ثقافة العيب موجودة فعليا في المجتمعات العربية كافة، وعلى وجه الخصوص في دول الخليج.

وقال إنه "بفعل ارتفاع تكاليف المعيشة، وندرة وربما استحالة فرص العمل في حالات كثيرة، بدأت ثقافة العيب تتفكك تدريجيا في الأردن".

ولفت ساري إلى أهمية أن توفر الحكومة فرص العمل للشباب، إضافة إلى تقديم حلولا غير تقليدية للمشكلة.

تؤكد الاستراتيجية الوطنية للتشغيل 2011- 2020، على أهمية إيجاد عدد كاف من فرص العمل، يرافقه تحسين الرواتب وظروف العمل.

وتنفذ وزارة العمل مشروع التدريب والتشغيل الوطني؛ لتشغيل الأردنيين في مختلف القطاعات، إلى جانب مركز التشغيل الوطني، ومؤسسة التدريب المهني، وصندوق التنمية والتشغيل.

إذ أكدت مديرة مديرية التشغيل، في وزارة العمل نجاح البوريقي، وجود فرص في قطاعات عدّة، غير أن غالبية الشباب تبحث عن عمل في القطاع الحكومي.

وأضافت "بالنسبة للشباب في الجنوب، فإنهم يطالبون بالعمل في الشركات بمناطقهم، مثل: الفوسفات والبوتاس وغيرها؛ كونها تقع في مناطقهم".

ويشار أن وزير العمل نضال القطامين أعلن في تصريحات صحفية الشهر الماضي، أنه جرى تشغيل 30 ألف 7باحث عن العمل، فيما حصل 14700 مواطن على قروض من صندوق التنمية والتشغيل.

وتفاوتت تصريحات المسؤولين الحكوميين خلال عامي 2013- 2014، حول الأعداد الحقيقية للعمالة الوافدة في الأردن، إذ صرح رئيس الوزراء عبد الله النسور مؤخرا، خلال مؤتمر منظمة العمل الدولية في جينيف أن دخول اللاجئين السوريين إلى سوق العمل الاردنية خفّض الأجور، خاصة أنهم يقبلون بأجور متدنية مقابل حصولهم على فرصة العمل.

وتقدّر أعداد العمالة السورية بـ200 الف عامل تقريبا.

فيما وصف وزير العمل نضال القطامين وضع العمالة الوافدة بالأردن "بالخطير جدا" ، معترفا بانه لا توجد لدى وزارة العمل ارقام حقيقية عن اعدادهم وأماكن وجودهم في المملكة.

كما صرح وزير الصحة الأسبق عبداللطيف الوريكات في وقت سابق، أن عدد العمالة الوافدة في الأردن يتجاوز المليون و200ألف، أغلبهم غير حاصلين على تصاريح عمل.

فيما تشير بيانات وزارة العمل لعام 2011 أن أعداد العمالة الوافدة ممن يخضعون لمظلّة قانون العمل وحاصلون على تصاريح عمل رسمية من الوزارة بلغت ( 280275) عاملا.