الرئيسية > تناقضات في نسب البطالة / عماد عبدالرحمن - الرأي

تناقضات في نسب البطالة / عماد عبدالرحمن - الرأي

السبت, 14 حزيران 2014
النشرة الالكترونية
Phenix Center


 ثمة تناقضات في نسب وارقام البطالة في المملكة، وبينما تتحدث الجهات الرسمية عن بطالة 11,8 %،  تتحدث اوساط مجتمع مدني عن نسب تصل الى نحو 31%،  خصوصا في المناطق الريفية والنائية، ورغم برامج وزارة العمل الدؤوبة لتخفيض نسبة البطالة، من خلال خلق فرص عمل للاردنيين واحلال العمالة المحلية مكان «الوافدة»، الا ان البطالة بين الشباب لا زالت تؤرق الجميع.


التناقضات لا تتعلق فقط بارقام البطالة، لكنها ترتبط ايضا بتوجهات الايدي العاملة المحلية، ففي الوقت الذي يمتلء فيه سوق العمل بالكفاءات المحلية، تجد العمالة الوافدة تسحب البساط من تحت اقدام «المحلية» لتحل محلها، لاسباب كثيرة ترتبط بالانتاجية والفرق في الاجور، فقط يكفينا العلم ان لدينا 40 الف عامل وافد شرعي حصلوا على تراخيص واذونات بالعمل في المملكة، تخيلوا لو تم احلال العمالة المحلية مكانهم، هل سيتبقى بطالة نختلف على نسبتها؟.


رغم كل الجهود لتطويق مشكلة البطالة، خصوصا بين حملة الشهادات، والمحاولات الحثيثة لفتح اسواق الخليج امام العمالة الماهرة الاردنية، الا ان عوامل خارجة عن نطاق السيطرة تتحكم بسوق العمل، في مقدمتها الركود والانكماش الاقتصاديين، وشدة منافسة الايدي العاملة الوافدة التي يستغلها اصحاب العمل لاسباب متعددة.


المفارقة الاخرى، ان سبب هجرة الكفاءات المحلية المدربة الى الاسواق الاقليمية، يرتبط الى حد كبير بمستوى الاجور، فالعامل الاردني يفضل العمل في الخارج ليس لسبب سوى ان معدل الاجور اعلى بنسب واضحة، بالتالي يتم تفريغ السوق المحلية للعمالة الوافدة،  او العمالة متواضعة المستوى.


امام هذه التناقضات والمفارقات، تتطلب معالجة الموقف تركيز اكبر من المؤسسات المعنية سواء في وزارة العمل او مؤسسة التدريب المهني، على رفع مستوى الكفاءة المهنية لما تبقى من عمالة محلية، واستقطاب كفاءات جديدة في سنوات مبكرة،  قبل سن الـ18،  وهذا يتطلب منح امتيازات اضافية للتعليم المهني، والصناعي، وتقليل التوجه للتعليم الاكاديمي، الذي اصبح التحدي الاول لارتفاع نسب البطالة بين الشباب.


اما على المستوى الاقتصادي الوطني، يتطلب الامر تضحيات من القطاع الخاص باستعادة الاولوية للعمالة المحلية، ولو تحملت جزء من الفروقات الاقتصادية الانية، لكن هذه السياسة سيكون لها مردود ايجابي اكبر على الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، وهو من مصلحة اصحاب رؤوس الاموال، اضف الى ذلك، تشجيع الاستثمارات المحلية والاجنبية نحو المشروعات الانتاجية، ومنحها امتيازات تشجيعية من الدولة، كونها تساهم في انتاج فرص عمل جديدة للشباب.


حل مشكلة البطالة ليست مسؤولية الحكومة وحدها، لكنها مسؤولية المجتمع بأكمله، وهي تعالج ضمن خطط اقتصادية تكاملية تشارك فيها كل القطاعات الاقتصادية، وتعزيز وتحفيز النمو الاقتصادي، وتوجيه التعليم العالي الى التقنيات والمهن، بدل من الاستمرار في صرف الشهادات للخريجين، لزيادة عدد المحبطين في المجتمع.


في حقيقة الامر، ان نجاح الدولة في التأقلم مع تحديات الأزمة السورية بكل تداعياتها المؤلمة، وقبل ذلك عبور موجة ما سمي «الربيع العربي»، وما فرضته من ازمات اقتصادية خانقة للاردن، كل ذلك يحفزنا لنهضة جديدة تخرجنا من الضائقة الاقتصادية التي نمر بها، وتساعد في اعادة بناء مقدراتنا وثرواتنا البشرية لاحتياجات السوقين المحلية والاقليمية.