الرئيسية > "ذوو الاعاقة": بيئة عمل غير مواءمة لاحتياجاتهم

"ذوو الاعاقة": بيئة عمل غير مواءمة لاحتياجاتهم

الاثنين, 09 حزيران 2014
النشرة الالكترونية
Phenix Center

المرصد العمالي – شيرين مازن – يعاني المعاقون في الأردن ظروفا صعبة نتيجة رفض تشغيلهم أو صعوبة التنقل من مكان الاقامة الى العمل والعكس، رغم القوانين التي تكفل حقهم في العمل.

وللمعاق كما لسائر أفراد المجتمع الحق في العمل وفي التوظيف، يجب أن تلتزم الدولة بالعمل على مساعدة الأشخاص المعوقين للانخراط في سوق العمل ضمن مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص.

اهتمت العديد من المنظمات الدولية ومنها هيئة الأمم المتحدة بالمعاقين منذ سبعينيات القرن الماضي بدءا بالإعلانين الخاصين بحقوق الأشخاص المتخلفين عقليا وحقوق المعوقين لعامي 1971 و1975، وصولا إلى عام 1981 واعتباره عاماً دولياً للمعاقين.

وأُقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في كانون أول 2006 اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وكان الاردن من الدول التي انضمت للاتفاقية، إذ أصدر قانون حماية حقوق المعاقين عام 2007.

باسل يعاني من إعاقة حركية منذ الطفولة الا أنه آثر على ممارسة حياته اليومية كغيره من الأشخاص الذين لا تواجههم إعاقة تقف بينهم وبين ممارسة حياتهم بشكل طبيعي، لكن الظروف الاقتصادية والمرضية  وعدم تأهيل غالبية الجامعات لذوي الاعاقة منعته من استكمال الدراسة.

قسوة الظروف وصعوبة ما يواجهه لم يمنعه من العمل في العديد من المجالات مدد توصف بالقصيرة بسبب قيام بعض أصحاب العمل بفصله بسبب الإعاقة، وفقا لما قاله للمرصد العمالي.

يعتبر حق العمل من أكثر الحقوق الواردة في اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة أهمية وانتهاكا، وبحسب إحصائيات المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعاقين فإن نسبة البطالة في صفوف المعاقين تصل إلى 40% .

بحسب المادة (12) من قانون حقوق الأشخاص المعوقين رقم 31 لسنة 2007 تعاقب مؤسسات القطاع الخاص التي يثبت امتناعها عن تشغيل المعاقين، بدفع غرامـــة ماليـــة لا يقل مقدارها عن ضعف الأجرة الشهرية للحد الأدنى لعدد المعوقين المترتب عليها تشغيلهم خلال السنة.

ويقول باسل إنه على الرغم من كثرة الجهات والمؤسسات التي قدم لها كان دائماً يتلقى الرد بعدم قدرته على القيام بالمهام الموكلة إليه وبالتالي فهو غير لائق صحياً، وحول ما يتقاضاه من أجر قال للمرصد العمالي "أستطيع العيش ضمن المتاح".

يعاني باسل من مشكلة التنقل من والى العمل، حيث قال إن العديد من أصحاب "السرفيس والباصات" لا يقلوه بسبب عجزه واستخدامه كرسي متحرك، وأضاف أنه يقضي أغلب وقته بالمواصلات وأحيانا يبقى لأكثر من ساعة ونصف ينتظر وسيلة النقل ، هذه المعاناة موجودة وبشكل كبير على الرغم أن البند الثالث من المادة "هـ" من قانون حقوق الاشخاص المعوقين تنص على "توفير كل من شركات النقل العام والمكاتب السياحية ومكاتب تأجير السيارات واسطة نقل واحدة على الأقل بمواصفات تكفل للأشخاص".

حنان فتاة تبلغ من العمر 29 عاما تقضي وقتها تبحث  عن فرصة عمل تثبت فيها وجودها بعيدا عن اعاقتها الحركية، وتؤمن من خلالها دخلا شهريا يسد أهم متطلباتها في الحياة، إلا أن كل الابواب توصد أمامها، والسبب أنها معاقة حركيا ولا تستطيع انجاز شيء حسب وجهة نظر أصحاب العمل.

حنان مثل غيرها من الذين يعانون صعوبات متنوعة في الحصول على عمل من أهمها: عدم تلقي التعليم المدرسي، إلى جانب النظرة السلبية لأصاحب العمل بأن المعوقين لا يستطيع انجاز العمل كما ينجزه أي شخص آخر.

وتلزم الفقرة (جـ) من المادة الرابعة من قانون حقوق الأشخاص المعوقين المؤسسات التي لا يقل عدد العاملين في أي منها عن 25 عاملاً ولا يزيد عن 50 عاملاً بتشغيل عامل واحد من الأشخاص المعوقين وإذا زاد عدد العاملين في أي منها على 50 عاملاً تخصص ما لا تقل نسبته عن 4% من عدد العاملين فيها للأشخاص المعوقين شريطة أن تسمح طبيعة العمل في المؤسسة بذلك.

ولم تنجح الإعاقة العقلية التي رافقت محمد منذ ولادته في منعه من العمل في محل لبيع القهوة ورغم عدم قدرته على النطق إلا بجمل محدودة وغير مفهومة - بسبب إصابته بضمور واستسقاء في الدماغ وتأخر في النمو الذهني والعضلي- إلا أنه يعمل بكفاءة توصف بالجيدة جدا حسب من تعامل معه، إلا أن ذلك لم يشفع له أمام صاحب العمل الذي يصر على عدم رفع راتب محمد عن 180 ديناراً، رغم عمله من الساعة الثامنة صباحا وحتى الحادية عشر ليلا.

وبناءً على دراسةٍ أجراها كل من: المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين ودائرة الإحصاءات العامة، في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) 2010، قالت إن نسبة العائلات التي تضم أفراداً من ذوي الإعاقة في المملكة؛ تبلغ حوالي 8 %، وغطت الدراسة 13 ألف أُسرة، من مُختلف الفئات.

وبلغت أعلى نسبة لهذه الأسر في محافظة إربد (10.1 %)، وأدناها في محافظة مادبا (4.3 %)، وتساوت النسبة في محافظتي عجلون والطفيلة، إذ بلغت (8.3 %).

وبينت نتائج الدراسة؛ أن أكثر الإعاقات انتشاراً هي؛ الحركية 17.3 %، وضعف البصر 16.2 %، والجسمية والصحية 11.2 %، والمتعددة 8.2%، والعقلية  7.9 %، بينما كانت صعوبات التعلم واضطراب التوحد الأقل انتشاراً بنسب بلغت 2.1 % و0.5 % على التوالي.

ورغم القانون ما يزال أصحاب الإعاقة توصد أمامهم أبواب العمل ليواجهوا الفقر والبطالة ، ما تؤكده التقارير الدولية التي تشير إلى أن 20% من فقراء العالم من ذوي إعاقة.

ويجدر بالذكر أن المرصد العمالي الاردني أصدر تقرير حول تشغيل المعوقين كشف عن تدن شديد في مستويات تشغيل الاشخاص المعوقين في القطاعين العام والخاص.

ويقول التقرير إن معدلات تشغيل الاشخاص المعوقين في القطاع الحكومي سواء أكانت وزارات او مؤسسات مستقلة او بلديات او جامعات رسمية تبلغ 1%، وفي القطاع الخاص لا تكاد تذكر وهي أقل بكثير مما نصت عليه القوانين الاردنية.

ويكشف التقرير أن المشتغلين من الاشخاص المعوقين يعانون من عدم حصولهم على وظائف تتلاءم وطبيعة اعاقاتهم ومنها طول ساعات العمل وانخفاض الاجور التي يتقاضونها بحجة انخفاض انتاجيتهم وعدم توفر التسهيلات البيئية التي تتلاءم وظروف حركتهم مثل الطرق ودورات المياه الخاصة وغيرها في اماكم العمل.

ويبين عدم وجود ارقام دقيقة حول مستوى تشغيل المعوقين في الاردن وان الارقام المتوافرة تستند الى نتائج التعداد السكاني لعام 2004 الذي لم تقر بصحته اي جهة ذات علاقة بالمعوقين في الاردن.

أصحاب الإعاقة يواجهون العديد من المشاكل في حياتهم اليومية، ويبقى السؤال متى سيتم تفعيل القوانين التي ستحد من مشاكلهم وتساهم في انخراطهم بشكل اكبر في سوق العمل.