فهد الخيطان
لا يمكننا أن نترك "جيل الانتظار" ينتظر وقتا أطول. لقد بلغنا نقطة حرجة، ولابد من خطة طوارئ للتعامل مع تحدي البطالة.
نعاني من مشكلات مزمنة في قطاعات التعليم والصحة والنقل، لكننا لا نواجه خطر الفشل مثلما هو الحال في قطاع التشغيل.
ثمة أفكار وخطط جدية لتطوير القطاعات المذكورة، ويمكننا بالمستوى القائم حاليا من الخدمات أن ننتظر بضع سنوات لنلمس فرقا في المستوى، أما فيما يخص البطالة فأخشى أن الوقت بدأ ينفد منا.
في كل بيت أردني هناك فرد عاطل عن العمل يبحث عن فرصة لولوج مستقبله. النسب المعلنة لمعدلات البطالة عالية جدا مقارنة مع دول عربية، وأعتقد أنها لا تعكس الواقع الفعلي. والأرقام صماء تفقدنا الإحساس بحجم المعاناة الشخصية، والتي لا يمكن تلمسها إلا بمعاينة النماذج الواقعية لآلاف الأسر التي تعيش أزمة قاتلة. في الكثير من الحالات تجد بين أفراد العائلة أكثر من ثلاثة شبان عاطلين عن العمل. تخيلوا ما هو شعور رب الأسرة وقد أفنى عمره لتعليم أبنائه وفي نهاية رحلة الشقاء لا يدركون مصروفهم الشخصي.
نعلم أن الحكومة تخطط لإطلاق برنامج عمل يستهدف حزمة من الأولويات الوطنية في عدد من القطاعات الحيوية. هذا شيء جيد وضروري، لكن بموازاة ذلك ينبغي أن تطلق خطة عاجلة للتشغيل، همها الأول والأساس توفير فرص عمل لأكبر عدد ممكن من العاطلين عن العمل.
يمكن العمل على مسارين؛ تشغيل المؤهلين والمطلوبين لسوق العمل ضمن الفرص المتاحة، والثاني تصميم برامج لتأهيل الخريجين الذين لا يملكون خبرات وتخصصاتهم غير مطلوبة في سوق العمل، للالتحاق بقطاعات أخرى.
القطاع الخاص هو الطرف المؤهل لخلق الوظائف، وفي نية الحكومة تصور متكامل لخلق 30 ألف فرصة عمل السنة المقبلة بالتعاون مع القطاع الخاص.
لكن هل يمكننا خلق المزيد؟
ينبغي أن لا نستسلم للوضع القائم، ونفتش في كل زاوية على فرصة عمل للأردنيين. فلتعد الحكومة قائمة بأسماء أكبر مئة مستثمر في الأردن وتدعوهم لاجتماعات مكثفة للبحث في كيفية زيادة فرص التشغيل في شركاتهم مقابل حوافز ضريبية، ولتستدع كل صاحب استثمار يواجه معيقات في طريق ترخيص مشروعه، لكي يبدأ العمل على وجه السرعة وتعبئة الوظائف المطلوبة.
علينا أن نعد سجلا وطنيا للتشغيل يشرف عليه طاقم حكومي، يتابع كل مشروع يوما بيوم، ويحصي عدد الوظائف المتوفرة، والتأكد من أن شبانا أردنيين قد أشغلوها.
بصراحة نحتاج لورشة عمل دائمة يشعر معها كل أردني أن الدولة تبذل كل ما بوسعها للتغلب على مشكلة البطالة، ونقدم بالدليل الملموس ما يتحقق في هذا الميدان.
جيل الانتظار لن ينتظر عملية بيروقراطية مملة لتعديل التشريعات والأنظمة ومن ثم دخولها حيز التنفيذ على أمل أن يحصل على وظيفة في المستقبل المجهول. علينا أن نكسر حلقات الروتين بضربة واحدة، ونفتح الباب على مصراعيه للمستثمرين في كل القطاعات، ونقدم لهم قائمة المشاريع المقترحة والقابلة للتنفيذ فورا دون مراجعات ومعاملات تستمر أشهرا لا بل سنوات أحيانا.
اقتراحي للحكومة أن تضع جانبا كل الأولويات، وتعمل كفريق واحد لحلحلة مشكلة البطالة قبل أن يدركنا الوقت.
صحيفة الغد الأردنية، 2018/10/24