منذ أيام عالجت الحكومة الظلم الذي وقع على النقابي العامل الزراعي محمد السنيد وتمت إعادته إلى عمله, وانتهت بذلك مهزلة تلفيق مبررات الفصل التي رتبها وزير الزراعة الأسبق وأيدها رئيس الوزراء السابق باعتبار أن التراجع عنها أمراً يمس هيبة الحكومة, بينما من المؤكد الآن أن إعادته لعمله تشكل إضافة لهيبة الحكومة.
لكن الحالة الأخرى المشابهة وهي حالة النقابي عبدالهادي الراجح لم تحل لغاية الآن رغم أنها أقدم زمنياً. ولمن لا يتذكر, فعبدالهادي الراجح هو قائد إضراب عمال الموانئ الشهير قبل سنة ونصف السنة, وهو الإضراب الأضخم والأطول في تاريخ العقبة والذي بموجبه تمت تلبية العديد من المطالب. ولكن ما حصل أنه وبعد انتهاء الاضراب بأيام تحالفت عدة جهات رسمية كبرى في العقبة على معاقبة عبدالهادي الراجح, وتم بالفعل نقله إلى العمل في قطاع آخر وفي مدينة معان بعد أن أمضى 24 عاماً متواصلة من عمره يعمل في ميناء العقبة. وبنتيجة النقل تراجع دخل عبدالهادي بنسبة أكثر من النصف وهو ما دفعه إلى تقديم استقالته.
التحالف غير المقدس الذي عاقب عبدالهادي أراد أن يحرف نتائج الإضراب وأن يعطي للعمال درساً معاكساً, لقد أراد هذا التحالف معاقبة الاسم الأبرز بعد تلبية العديد من المطالب التي طرحها مع زملائه. إنه صنف من السلوك يفتقر إلى الحد الأدنى من أخلاق الوظيفة والمسؤولية العامة.
حالة الراجح شكلت مع حالة السنيد نموذجاً للسلوك المتعالي للحكومتين السابقتين تجاه الأوساط الشعبية (عمال المياومة وعمال الموانئ). والقطيعة الحقيقية مع هذا السلوك تقتضي المضي قدماً وبلا تردد في معالجة ما نتج عنه, ومن ذلك رفع الظلم الذي وقع على النقابي الخلوق وصاحب الحس الوطني العالي عبدالهادي الراجح.