المرصد العمالي الأردني – مراد كتكت
بعد انتظار دام نحو سبع سنوات لإجراء تعديلات على نظام تنظيم نقل الركاب من خلال التطبيقات الذكية، والذي شابه الكثير من الثغرات التي أضرت بمصالح السائقين/الكباتن، أقرت الحكومة مؤخرا تعديلات جديدة على النظام ليصبح بحلّة جديدة، وذلك بعد مفاوضات مطوّلة بين ممثلي كباتن التطبيقات والجهات الحكومية المعنية، وعلى رأسها هيئة تنظيم النقل البري.
النظام الجديد يهدف إلى تشجيع الاستثمار وتعزيز التنافسية، من خلال فتح المجال لمنح تراخيص لشركات جديدة، بالإضافة إلى توحيد قيمة الكفالة البنكية لتصبح 100,000 دينار لجميع الشركات، لضمان الجدية والملاءة المالية.
ويستهدف هذا التعديل تحفيز المنافسة في السوق، بما ينعكس على تحسين الأسعار، وزيادة الكفاءة التشغيلية، وتحسين جودة الخدمة المقدمة، وجذب استثمارات جديدة محلية وأجنبية في قطاع النقل الذكي؛ نتيجة فتح باب التراخيص أمام الشركات، وبالتالي توفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة للراغبين في العمل على هذه التطبيقات.
كما يهدف النظام إلى تحريك قطاعات اقتصادية عديدة مرتبطة بقطاع النقل، وتحسين تجربة المستخدم من خلال رفع مستوى جودة الخدمة، والحد من معدلات النقل غير المرخَّص، نتيجة تنظيم القطاع.
وسيتم بموجب النظام فتح السوق أمام شركات جديدة، من خلال إلغاء المادة التي كانت تحظر الموافقة على التراخيص الجديدة في النظام القديم.
وفيما يتعلق بتحسين السلامة العامة، تضمَّن النظام الجديد ما يحقق مصلحة جميع الأطراف: المواطن، والمرخَّص له (الشركات)، ومقدِّم الخدمة (الكابتن)، من خلال تطوير معايير الجودة والامتثال.
ولتحقيق هذه الغاية، اشترط النظام ألّا يتجاوز العمر التشغيلي للسيارة سبع سنوات من تاريخ سنة الصنع، وأن تكون مزوَّدة بخاصية التتبع الإلكتروني، وأن تحمل ملصقاً خاصاً تُحدد مواصفاته بموجب تعليمات تصدر لهذه الغاية.
كما نص النظام على أن لا يتجاوز عمر مقدم الخدمة (الكابتن) 65 عاماً، وأن تكون قد مضت 3 سنوات على الأقل على منحه رخصة القيادة، وأن يكون حاصلاً على شهادة اجتياز دورة تأهيلية للعمل على نظام التطبيقات، صادرة عن المراكز التدريبية التابعة للشركة، وأن يكون لائقاً صحياً وحسن السيرة والسلوك، وأن تكون السيارة مملوكة له أو لأحد أقاربه حتى الدرجة الثانية. ويُستثنى من ذلك سيارات الركوب العمومية المصرَّح لها بنقل الركاب وفق هذا النظام.
وألزم النظام الشركات بتجهيز السيارات بأنظمة المراقبة الذاتية لضمان جودة تقديم الخدمة، وأمن وسلامة مقدم الخدمة والركاب، وذلك ضمن الشروط والمواصفات التي تضعها الهيئة.
كما ألزم النظام الشركات بتقديم أسس واضحة للأجور والعمولة (بدل الخدمات) يتم اعتمادها من الهيئة، وبضرورة توقيع عقد ملزم لمشاركة البيانات والربط الإلكتروني مع الهيئة، بما يضمن الامتثال للمتطلبات التنظيمية، وحماية البيانات، وتحقيق المصلحة العامة في الرقابة على التسعير وتوزيع الرحلات والتقييم.
وأوجب النظام على الشركات تخصيص عدد من السيارات لخدمة ذوي الاحتياجات الخاصة، والالتزام بتقديم عروض ترويجية لهم، وتوفير نظام لتلقي الشكاوى والملاحظات، وتنظيم سجلات خاصة بها وبمعالجتها، وتوفير مركز تدريب مجهز لغايات تأهيل وتدريب مقدمي الخدمات.
ويُشترط لترخيص السيارة العاملة وفق هذا النظام أن تكون مرخَّصة ومؤمَّنة تأميناً يغطي خدمات التطبيقات الذكية، بما يزيد عن تغطية التأمين الإلزامي، بالإضافة إلى إلزام الشركات بالتقيّد بأحكام قانوني حماية البيانات الشخصية والأمن السيبراني، بما يضمن أمن وسلامة وسرية وتوفر البيانات بشكل دائم.
كباتن التطبيقات: النظام جيد ولكنه تناسى بعض المطالب المهمة
يقول يوسف أبو عودة، نائب رئيس اللجنة التطوعية لكباتن التطبيقات الذكية، إن النظام الجديد جاء بعد سبع سنوات من التجربة الفعلية لتشغيل التطبيقات في الأردن، وبعد مطالبات عديدة بإجراء تعديلات تعزز حقوق الكباتن.
ويشير أبو عودة لـ"المرصد العمّالي الأردني" إلى أن النظام أيضا جاء بعد تغول كبير على حقوق الكباتن من قبل شركات التطبيقات، نتيجة ضعف الرقابة الرسمية وضعف إنفاذ الأنظمة والتعليمات ذات علاقة.
ومن أبرز التحديات التي يواجهها معظم السائقين/ الكباتن: رفع العمولات المقتطعة من رحلاتهم بدون أي مبررات وبعيدا عن الرقابة الرسمية، عدم الالتزام بالتسعيرة المقررة من قبل هيئة تنظيم النقل البري، البلوكات (الحظر) التعسفية للكباتن بدون مبررات واضحة، إضافة إلى عدم رفع العمر التشغيلي للمركبات العاملة على التطبيقات الذكية.
ويشير أبو عودة إلى أن النظام تضمّن بعض الإيجابيات المهمة، مثل رفع سن السائق من 60 إلى 65 عاما، والربط الإلكتروني بين شركات التطبيقات وهيئة تنظيم النقل البري لتعزيز الرقابة الرسمية، وإلغاء تبعية التصاريح لشركات التطبيقات لتُصبح تابعة للهيئة، وفتح المجال لمنح تراخيص لشركات جديدة، وهو ما سيعزز التنافسية العادلة بين الشركات وسيفتح أمام السائقين خيارات أخرى في قطاع التطبيقات الذكية، إضافة إلى إلزام الشركات بتجهيز المركبات بأنظمة المراقبة الذاتية لضمان الشفافية والعدالة بين السائقين والركّاب.
لكن في المقابل، هناك مطالب أساسية لم تتحقق في النظام، وفق أبو عودة، مثل رفع العمر التشغيلي للمركبات إلى 10 سنوات، حيث ظلّت 7 سنوات كما هي، وتحديد سقف للعمولات المقتطعة من رحلات السائقين، وهو مطلب مهم، وفق أبو عودة، لأنه يُغلق الباب أمام الرفع العشوائي للعمولات، وأخيرا تخفيض رسوم التصريح من 400 إلى 200 دينار، وهو لم يتحقق أيضا.
ويحذر أبو عودة من أن عدم رفع العمر التشغيلي سيؤدي إلى تعثّر آلاف الأسر الأردنية التي يُعيلها السائقون، إذ إن السائق لا يستطيع سداد أقساط مركبته خلال هذه المدة القصيرة، خصوصا وأن معظم المركبات تم شراؤها عن طريق البنوك، ما يعني أنه في حال تعثّر السائقين عن السداد نتيجة عدم رفع العمر التشغيلي، سيكونون عرضة للحبس.
ويوضح أن مطالبهم بهذا الخصوص كانت تتمثل في رفع العمر التشغيلي إلى 10 سنوات من تاريخ صنع المركبة، أو 7 سنوات من تاريخ تسجيل السائق بالتطبيقات وليس من تاريخ صنع المركبة.
ويؤكد أبو عودة أنهم سيستمرون بالمفاوضات مع الجهات المعنية لتحقيق هذه المطالب، وإنفاذ النظام الجديد على أرض الواقع، وليس أن يكون فقط حبرا على ورق.