أوصت دراسة متخصصة بضرورة زيادة فاعلية وكفاءة استهداف كبار السن بالأردن بنظم الحماية الاجتماعية، وتطوير إطار مرجعي شامل لكافة الجهات التي تقدم مساعدات نقدية لهم.
جاء ذلك خلال جلسة نقاشية عقدها مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، لمناقشة نتائج دراسة أعدها حول الحماية الاجتماعية لكبار السن في الأردن في سياق إجراء مراجعة شاملة لتحديد مسارات توسيع نطاق نظام التقاعد.
وهدفت الدراسة، التي أعدها المركز بالتعاون مع المنظمة الدولية لمساعدة كبار السن في الأردن HelpAge ومنظمة العمل الدولية، إلى تسليط الضوء على العديد من الثغرات في تغطية الحماية الاجتماعية والمجالات التي تحتاج إلى التحسين، أكان على مستوى القطاع الرسمي أو غير الرسمي.
وقال مدير مركز الفينيق أحمد عوض، خلال افتتاح الجلسة التي عقدها لمناقشة نتائج الدراسة، إن منظومة الحماية الاجتماعية في الأردن تواجه صعوبات بتوفير تغطية شاملة للمواطنين الأكبر سنا.
وبين عوض أن عدد المواطنين الذين تجاوزوا سن الستين بلغ حوالي 615 ألف شخصا، إلا أن أقل من نصفهم يتلقون رواتب تقاعدية، فيما يعتمد أقل من 10 بالمئة منهم على المساعدات النقدية.
وعلى الرغم من الجهود الرسمية وغير الرسمية المبذولة في هذا المجال، وعلى رأسها صدور الاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية للأعوام 2019 – 2025، التي تهدف إلى كسر دائرة الفقر وتعزيز العدالة والتكافل الاجتماعي، إلا أن هناك فجوات ما تزال واضحة في تغطية الحماية الاجتماعية لكبار السن في الأردن، وبخاصة لمن يعملون في القطاع غير الرسمي.
وقالت جاسيكا بيتيتبيريز، من المنظمة الدولية لمساعدة كبار السن HelpAge، إن هناك حاجة ملحة لتضمين موضوع كبار السن في السياسات التي تتعلق بالحمايات الاجتماعية، وبينت أن الاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية التي أطلقها الأردن تحاول ضم أكبر عدد ممكن من كبار السن تحت مظلتها، وهو ما سيُساهم في تحسين الحماية الاجتماعية المقدمة لهم.
في حين قالت رنا الأنصاري من منظمة العمل الدولية في الأردن إن مؤشرات التغطية للإنفاق للحماية الاجتماعية في الأردن تفوق المتوسطات الإقليمية، حيث تُشكل تغطية الفئات الضعيفة الأساسية في الأردن مثل كبار السن وذوي الإعاقة والأطفال ضعف المتوسطات الإقليمية.
وشددت على ضرورة تعزيز نظم الحماية الاجتماعية في الأردن وتكييفها مع الواقع، وتكثيف الجهود لتعزيز السياسات الوطنية للاستجابة للمخاطر المرتبطة بدورة الحياة.
وعرضت الباحثة الرئيسة في مركز الفينيق علا بدر أبرز نتائج الدراسة، إذ أشارت إلى وجود مصادر دخل نقدي متعددة لكبار السن الأردنيين، حيث أن 52 بالمئة منهم مُغطّيين من خلال التقاعد المدني أو الضمان الاجتماعي، و21 بالمئة مُغطيين من خلال صندوق المعونة الوطنية، في حين 27 بالمئة منهم غير مُغطيين بأي نظام حماية اجتماعية.
أما بالنسبة لكبار السن السوريين في الأردن، فأظهرت الدراسة أن 80 بالمئة منهم يحصلون على مساعدات نقدية من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أو غيرها من المنظمات غير الحكومية.
وتمثل النساء 18 بالمئة من متلقي الرواتب التقاعدية، بينما يشكلن 80 بالمئة من مستفيدي رواتب الوفاة، ما يدل على اعتمادهن الكبير على دخل أزواجهن التقاعدي، وفق الدراسة.
وأشارت نتائج الدارسة إلى أن عمليات تخفيض المساعدات المقدمة للاجئين السوريين من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أثرت سلبا على دخل كبار السن السوريين في الأردن.
وأظهرت الدراسة مستويات الدخل لكبار السن في الأردن، إذ بينت أن 91 بالمئة من كبار السن الأردنيين المشاركين في الدراسة دخلهم الشهري يصل إلى أقل من 400 دينارا شهريا، و96 من اللاجئين السوريين المشاركين في الدراسة دخلهم أقل من 250 دينارا شهريا.
وبالنسبة إلى عدم كفاية الدخل، بينت الدراسة أن 28 بالمئة من الأردنيين و69 بالمئة من اللاجئين السوريين غير قادرين على تلبية احتياجات السكن مثل دفع الفواتير والإيجارات، وأن 33 بالمئة من الأردنيين و58 بالمئة من اللاجئين السوريين غير قادرين على سداد القروض/ الديون المترتبة عليهم، في حين ثلث الأردنيين وثلث السوريين غير قادرين على تلبية نفقاتهم الطبية والصحية كل شهر.
أما بالنسبة إلى آليات تكيف كبار السن الأردنيين مع انخفاض الدخل والخدمات، فأشارت الدراسة إلى أن 70 بالمئة من كبار السن أفادوا بأنهم خفّضوا عدد وجباتهم، و52 بالمئة طلبوا المساعدة من الأقارب والأصدقاء والجيران، و45 بالمئة خفّضوا الرعاية الصحية، و37 بالمئة أفادوا بأن لديهم التزامات مالية (ديون).
في حين بينت الدراسة أن آليات التكيف السلبية للاجئين السوريين تمثلت في بيع المساعدات الغذائية المستلمة، واستخدام أدوية منتهية الصلاحية، والتسول.
بدورها، قالت رئيسة قسم كبار السن والهائمين بوزارة التنمية الاجتماعية شيرين المومني، إن هناك قائمة طلبات انتظار للالتحاق بدور المسنين، مشيرة إلى أن هناك "قلة في الموازنة" المخصصة لشراء الخدمات بدور رعاية المسنين.
وأكدت المومني أن الوزارة تسعى لرصد مخصصات أكبر لشراء الخدمات والمقاعد في دور المسنين، في وقت لا يوجد فيه أي دار حكومية حتى الآن.
فيما تحدثت مديرة الاتصال والإعلام بالمجلس الوطني لشؤون الأسرة خديجة العلاوين، عن أبرز محاور استراتيجية كبار السن 2025 - 2030 بنسختها الثالثة التي أُقرت مؤخرا، وأكدت أن العمل جار لوضع خطة تنفيذية متكاملة لها، وأن اللجنة الوطنية لكبار السن والمجلس، يعملان مع كل المؤسسات ذات العلاقة لإنفاذها.
وقال رئيس قسم البيانات والمعلومات الاكتوارية في مؤسسة الضمان الاجتماعي يزن المجالي، إن ما يقارب نصف القوى العاملة في الأردن ما زالوا غير مشمولين بمظلة الضمان الاجتماعية، مؤكدا أن المؤسسة تسعى جاهدة من خلال برامجها واستراتيجياتها إلى شمول كل القوى العاملة تحت مظلتها.
وبين المجالي أن عدد كبار السن المتقاعدين ممن أعمارهم فوق الـ60 عاما في الأردن والمسجلين في الضمان الاجتماعي يصل إلى نحو 52 ألفا في عام 2023، بحسب آخر إحصائيات مؤسسة الضمان الاجتماعي، في حين وصل عدد المتقاعدين في عام 2022 إلى نحو 45 ألفا، وهو ما يعني أن عدد المتقاعدين في كل سنة يزيد بمعدل 12 بالمئة عن السنة التي قبلها.
أما مدير عام جمعية دارات سمية شما للمسنين الدكتور احمود اللصاصمة، فقال إن هناك ضرورة لتأمين مستوى متقدم من الخدمات الصحية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية لكبار السن في الأردن.
كما شدد اللصاصمة على ضرورة إشراك كبار السن بكافة مناحي الحياة في المجتمع، لإعلاء شأن الذات لديهم، وتأمين تماسكهم الاجتماعي.
وأخيرا، قال الدكتور إبراهيم العدرة، وهو عضو هيئة تدريسية في الجامعة الأردنية، إن كبار السن تعد فئة قادرة على الإنتاج، ولا يجب النظر إليها كفئة بحاجة إلى الإعالة.
ورأى العدرة أن هناك ضرورة للاستفادة من خبرات هذه الفئة، وهذا بتطلب إلى إعادة تمكينهم وتدريبهم، ودمجهم في المجتمع، حتى يُقدموا ما تدربوا عليه طيلة سنوات حياتهم.
وأوصت الدراسة بإعادة النظر بمستويات الأجور في الأردن، حيث أنها منخفضة جدا مقارنة مع المستوى المعيشي، وتنعكس على مستويات الرواتب التقاعدية.
كما أوصت بتعديل سن التقاعد وسن تأمين الشيخوخة للنساء وفقا لقانون العمل، وقانون الضمان الاجتماعي، حيث ينتهي عمل الموظفين الذكور عند سن (60) عاما، بينما ينتهي عمل الموظفات الإناث عند سن (55) عاما، ويؤثر هذا النص سلبا على النساء من خلال خلق تفاوتات في معاشات التقاعد بين الرجال والنساء، مما يؤثر على أمان دخلهن في سن الشيخوخة، كما يجب أن يكون التقاعد اختياريا لمن يرغب في مواصلة العمل.