الرئيسية > عمّال التعدين والحفر يواجهون المخاطر دون حماية

عمّال التعدين والحفر يواجهون المخاطر دون حماية

الاثنين, 14 تشرين الأول 2024
النشرة الالكترونية
Phenix Center
عمّال التعدين والحفر يواجهون المخاطر دون حماية
المرصد العمّالي الأردني - رزان المومني 
يواجه عمّال التعدين والحفر في الأردن ظروفا قاسية في بيئة عملهم، حيث انعدام الحمايات الاجتماعية مثل الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي وبخاصة في ظل بيئة عملهم الخطر، فهم يعملون في أعماق الأرض، مما يجعلهم مُعرّضين لمخاطر صحية جسيمة.

تتطلب ظروف عمل الحجارين وحفّاري الآبار والمناجم اهتماماً خاصاً من قبل الجهات المعنية، لضمان سلامة العمّال وحقوقهم وتحسين ظروف عملهم، بالإضافة إلى توفير التدريبات اللازمة وأدوات السلامة والصحة المهنيّة على اختلاف طبيعة وبيئة العمل، وتطبيق قوانين السلامة والصحة المهنيّة بشكل صارم، وتحسين الأجور والظروف المعيشية لهم.

ويؤكد عمّال يعملون في هذه المهنة أن بيئة عملهم صعبة ويتعرضون لمخاطر متعددة مقابل أجور لا تتناسب مع الجهد الذي يبذلونه، وبعضهم ليس لديه تأمين صحي ولا حتى ضمان اجتماعي، وفي حال تعرضوا لإصابة أثناء عملهم يتعالجون على حسابهم الخاص.

12 عام بالمهنة بدون حماية
في أعماق محافظة عجلون وأرضها الصلبة ووسط بيئة عمل صعبة، يعمل محمد منذ 12 عاما في حفر الآبار من أجل تأمين لقمة العيش له وأسرته المكونة من خمسة أفراد.

يقول محمد في حديثه لـ"المرصد العمّالي الأردني" إنه يحصل على أجر يومي لا يُجاوز الـ10 دنانير مقابل ساعات عمل طويلة وشاقة في حفر الآبار تصل إلى عشر ساعات يوميا، مشيرا إلى أن عمله غير مستمر ويعتمد على حاجة الناس للآبار في المناطق الزراعية بعجلون.

وعلى الرغم من خبرة محمد الطويلة في هذا المجال، إلا أنه يفتقر لأبسط أدوات السلامة والصحة المهنيّة ويتعرض باستمرار لمخاطر عديدة أثناء عمله مثل انزلاقات الأتربة والحجارة عليه، بدون أن يكون لديه أي نوع من أدوات الحماية الشخصية.

ويشكو من عدم وجود أي نوع من الحمايات الاجتماعية مثل التأمين الصحي والضمان الاجتماعي، مما يجعله يعيش في حالة من القلق المستمر بشأن مستقبله ومستقبل عائلته. 

ويعتبر محمد كُلف شراء أدوات السلامة والصحة المهنيّة باهظة الثمن ولا يستطيع تحمّلها، وحتى يوفرها يحتاج أياما من العمل. فيما يدعو الجهات المعنية بعمل تسهيلات للعاملين بهذه المهنة ليستطيعوا شراء أدوات السلامة والصحة المهنيّة.


42 عام عمل بأعماق الأرض
يعيش إبراهيم، وهو عامل مهاجر من مصر مقيم في محافظة إربد، حياة قاسية في أعماق المحاجر منذ 42 عاماً. وعلى الرغم من سنوات خبرته الطويلة، إلا أنه يواجه تحديات كبيرة في عمله الخطر.

يقول إبراهيم في حديثه لـ"المرصد العمّالي الأردني" إنه يتعرض لاستغلال من قبل أصحاب العمل، ويعمل لساعات طويلة تصل إلى 14 ساعة يوميا مقابل أجر زهيد لا يُجاوز 150 ديناراً شهرياً، في ظروف عمل مرهقة وغير آمنة.

ويتعرض يومياً لمخاطر عديدة خلال عمله، مثل سقوط الأتربة عليه واستنشاق الغبار، ناهيك عن المخاطر التي قد يتعرض لها أثناء عمله بآلة تكسير الحجارة.

ونتيجة عمله، يعاني أمراضاً مزمنة ويشتري أدوية بقيمة 60 ديناراً شهرياً، ولا يتمتع بأي نوع من الحمايات الاجتماعية مثل التأمين الصحي والضمان الاجتماعي، ويسكن بمسكن غير لائقة ولا توفر له ولا لأسرته المكونة من سبعة أفراد الحد الأدنى من الحياة الكريمة.

يُصر إبراهيم على الاستمرار في العمل لتوفير لقمة العيش لأسرته، ويأمل بأن يتمكن من الحصول على ظروف عمل أفضل وأكثر أماناً، وتوفير أدوات السلامة والصحة المهنيّة اللازمة لحمايته وجميع العمّال الذين يعملون في هذه المهنة الخطرة.

مهنة خطرة.. إصابات مرتفعة
تصنف مهنة الحجّار وحفّار الآبار والمناجم من المهن الخطرة وفق جدول المهن الخطرة مؤسسة الضمان الاجتماعي الصادر عام 2021، ويقوم الحجّار بتحضير المعدات والأدوات والمواد اللازمة لتكسير كتل الحجارة، وفصل وتكسير طبقات الصخور وكتل الحجارة باستخدام الأدوات، فيما يقوم الحفّار بتجهيز الحفارة وحفر آبار النفط والغاز وما شابهها وتجهيز الآبار وخدمتها.

ويعرّف قانون الضمان الاجتماعي، "المهن الخطرة"، بأنها "المهن التي تؤدي إلى الإضرار بصحة أو حياة المؤمن عليه نتيجة تعرّضه لعوامل أو ظروف خطرة في بيئة العمل على الرغم من تطبيق شروط ومعايير السلامة والصحة المهنيّة".

فيما، يقول الناطق الإعلامي باسم المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي محمود المعايطة إن عدد الفعّالين في النشاط الاقتصادي "التعدين واستغلال المحاجر" 7672 عاملا، فيما يبلغ عددهم تراكمياً 53829 عاملا.
 
ويوضح في حديثه إلى "المرصد العمّالي الأردني" أن عدد الإصابات المسجلة تراكمياً التي تتبع لهذا النشاط يبلغ 14216 شخصاً، وعدد المتقاعدين تراكمياً من هذا النشاط يبلغ 10960.

مخاطر جسيمة
بدوره، يؤكد خبير السلامة والصحة المهنيّة المهندس أسامة أبو نوّاس أن الدراسات والاحصائيات تبين أن معظم الإصابات المهنيّة والوفيات نسبتها عالية بقطاع المناجم والتعدين، بسبب تعرض العمّال لمجموعة واسعة من المخاطر الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية.

ويوضح أبو نوّاس أن المخاطر تشمل مخاطر الجسيمات كالسيليكا التي تسبب أمراضاً رئوية خطيرة، مثل (السل وسرطان الرئة)، والغازات والأبخرة كأكاسيد النيتروجين الناتجة عن محركات الديزل والتفجيرات، والمخاطر الفيزيائية كالضوضاء والاهتزازات والحرارة والإشعاع. بالإضافة إلى مخاطر بيولوجية مثل الإصابة بالأمراض المعدية.

ويشير في حديثه لـ"المرصد العمّالي الأردني" إلى أن أسباب ارتفاع معدلات الإصابات في هذا المجال يعود إلى طبيعة العمل الصعبة والتعامل مع مواد خطرة وأداء مهام في بيئات قاسية، ناهيك عن نقص تدريب العمال على إجراءات السلامة والصحة المهنيّة وعدم الالتزام بمعايير السلامة وعدم توفير معدات الحماية في بعض مواقع العمل.

ويشدد أبو نوّاس على ضرورة إجراء فحوصات طبية دورية للعاملين في هذا القطاع وتوفير أماكن استراحة مناسبة وزيادة أوقات الراحة وتقليل فترات التعرض للمخاطر. بالإضافة إلى توفير التدريب والتوعية للعاملين، وتوفير معدات الحماية الشخصية ذات جودة عالية، وتطبيق معايير السلامة بشكل صارم.

ويرى أن التكنولوجيا الحديثة تُسهم في تحسين ظروف العمل، ويمكن استخدام أنظمة الكاميرا وأجهزة الاستشعار لتقليل حوادث الاصطدام، كما يمكن استخدام كبائن مضغوطة وفلاتر عالية الكفاءة لتقليل التعرض للملوثات.

النقابة: 14 لجنة للمتابعة
من جهته، يقول نائب رئيس النقابة العامة للعاملين في المناجم والتعدين محمد الحجايا إن عدد العاملين الذين تُمثلهم النقابة والمنتسبين إليها يبلغ 8 آلاف عامل، وهم العاملين في المناجم والتعدين والاسمنت في قطاعات صناعة الحديد والبوتاس والاسمنت والفوسفات.

ويوضح في حديثه إلى "المرصد العمّالي الأردني" أن النقابة تتبع لها 14 لجنة في مواقع العمل تتابع أوضاع العاملين كل بموقعه من خلال تلك اللجان، وتعمل اللجان على متابعة العاملين في مناجم الفوسفات والبوتاس ومصانع الاسمنت.

ويشير الحجايا إلى أن النقابة تستقبل الشكاوى العمّالية وتتحقق منها من خلال اللجان أو بشكل مباشر من خلال النقابة، وتتواصل مع المصنع أو المؤسسة للتوصل إلى حل، أكانت شكاوى فردية أو جماعية والتي غالباً ما تحل بالتفاوض والحوار.

ويلفت إلى أن الشكاوى تختلف طبيعتها بحسب طبيعة وبيئة العمل، فيما تكثر شكاوى تأخر الرواتب وقلة الحمايات الاجتماعية مثل الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي اللائق في العمل بمصانع الحديد.

ويوضح أن النقابة تعقد بشكل مستمر ورش ودورات تدريبية لتوعية العاملين في المهنة بحقوقهم العمّالية، بالإضافة إلى نشر رسائل توعوية للعمّال من خلال الصفحة الرسمية للنقابة عبر منصة فيسبوك.