الرئيسية > كيف يؤثر غياب وزارة العمل والنقابات العمّالية عن نظام تغير المناخ على حقوق العمّال؟

كيف يؤثر غياب وزارة العمل والنقابات العمّالية عن نظام تغير المناخ على حقوق العمّال؟

الاثنين, 29 تموز 2024
النشرة الالكترونية
Phenix Center
كيف يؤثر غياب وزارة العمل والنقابات العمّالية عن نظام تغير المناخ على حقوق العمّال؟
المرصد العمّالي الأردني - رزان المومني 
عند النظر إلى "نظام تغير المناخ" الصادر عام 2019، نجد في المادة الرابعة من النظام أن وزارة العمل والنقابات العمّالية مُغيّبة عن اللجنة الوطنية لتغير المناخ، في الوقت الذي يكون فيه تواجد الجهات المذكورة ضرورة لمواجهة تداعيات التغير المناخي، وتأثيرها على سوق العمل والعمّال بمختلف الفئات وبالتالي على الاقتصاد ككل.

فيما تؤكد العديد من التقارير التي أصدرها "المرصد العمّالي الأردني" سابقاً أن التغير المناخي له آثار سلبية واضحة على القطاعات كافة، ويؤثر على المجتمعات وأعمالها ووظائفها، وبخاصة على عمّال الزراعة الذين يعتمدون بشكل أساس على الإنتاج الزراعي والمواسم كمصدر دخل رئيسي لهم ولأسرهم، لذا فإن عملهم مهدد بسبب تداعيات التغير المناخي.

ويقول خبراء ونقابيون أن هناك ضرورة لأن يتضمن النظام كل من وزارة العمل والنقابات العمّالية، وبعدها تكون هذه الأطراف المهمة ضمن اللجنة الوطنية لتغير المناخ، وبالتالي إدراج تداعيات التغير المناخي على سوق العمل والعمّال والوظائف ضمن ملفات عمل اللجنة ومناقشتها.

ويشددون خلال حديثهم إلى "المرصد العمّالي الأردني" على ضرورة وجود قانون بدلاً من النظام كما كانت المطالب منذ البداية وينبثق عنه عدّة أنظمة شمولية يمكن أن تتضمن كثير من القطاعات الاقتصادية بما فيها القطاع الزراعي الأكثر تأثراً من تداعيات التغير المناخي.

خروقات حقوقية كبيرة
من جانبها، تقول الخبيرة البيئية ورئيسة جمعية دبين للتنمية البيئية هلا مراد لـ"المرصد العمّالي الأردني" إن النظام أُقر وبموجبه تشكلت اللجنة الوطنية لتغير المناخ وهي لجنة سياسية تتكون من أمناء عامين للوزارات المذكورة في النظام، ولم يُحيّد النظام وزارة العمل فقط بل حَيّد وزارة الشباب وهي وزارة مهمة ولها عملها، وبالتالي عدم شمول كل القطاعات والنقابات بالنظام هي واحدة من الخروقات الحقوقية الكبيرة.

وتوضح مراد أن عدم وجود وزارتي العمل والشباب والنقابات العمّالية هو اعتراف ضمني بعدم أهمية هذه القطاعات في التغير المناخي، وهو على العكس تماماً فهذه القطاعات تتأثر وتؤثر بشكل كبير في أي نوع من أنواع التدخلات بمجال التكيف والتخفيف، وبخاصة على قطاع الزراعة وبالتالي على العاملين فيه.

وتلفت إلى أن الحديث حالياً يكون عن العدالة المناخية وعند الحديث عن العدالة المناخية، يجب الحديث عن الفئات الأكثر عرضة للخطر والخسارة المرتبطة بالتغير المناخي، ومن المؤكد والجلي الحديث أيضاً عن تعديل قوانين وسياسات، وليس ببعيد عن تعديل خطة التكيف الوطنية والتي يجب أن تتبع نهج حقوقي يرتبط بحقوق الفئات العمّالية المختلفة بالمجتمع بما فيها الفئة الزراعية الأكثر تأثراً.

وتشدد مراد على ضرورة وجود قانون بدلاً من النظام كما كانت المطالب منذ البداية، ويكون القانون نافذا ولديه أدواته وينبثق عنه عدّة أنظمة شمولية يمكن أن تضمن حماية كثير من القطاعات العمّالية بما فيها عمّال الزراعة.

وتشير إلى أن واحدة من الإشكاليات العميقة التي يجب تداركها، هي الأطُر التنظيمية ابتداءً من النظام بالاعتراف في الجهات المُحيّدة عن النظام ومن ثم اللجنة، وبعد ذلك وضع خطط عمل واضحة، فهذه التغيرات والتحولات الهيكلية تؤدي إلى تطبيقات واضحة وفي الطريق الصحيح.

عدم أخذ أولويات حقوق العمّال
فيما، يقول الخبير في مجال البيئة باتر وردم في حديثه لـ"المرصد العمّالي الأردني" إن غياب هذه الجهات عن النقاش الخاص بتغير المناخ على مستوى السياسات والتشريعات يعني عدم أخذ أولويات حقوق العمّال في الخطط والسياسات المناخية، "عند وضع وإقرار النظام لم تكن هناك معلومات متوافرة بتأثير تغير المناخ على قطاع العمل وحتى على المستوى الدولي". 

ويوضح أن الفرصة متاحة للتنسيق مع وزارة البيئة كونها هي التي أصدرت النظام بالإضافة إلى وزارة العمل وحتى قبل تعديل النظام الذي قد يحتاج وقتاً، يمكن لوزارة العمل أن تشارك في الاجتماعات الدورية للجنة أو المشاركة بكافة الأنشطة المتعلقة بتغير المناخ على المستوى الوطني والعمل على إعداد دراسات تقييمية لتأثير تغير المناخ على سوق العمل وأيضاً مقترحات لمشاريع يتم تنفيذها في الصدد.

ويرى وردم أن الجهات المعنية بحقوق العمّال يمكنها أيضاً تطوير برامجها الخاصة بالتعاون مع المؤسسات الرسمية والمجتمع المدني والجهات المانحة لتحديد التأثيرات الحالية والمستقبلية على حقوق العمّال، لأن أية برامج مستقبلية يجب أن تنطلق من معلومات دقيقة للاحتياجات الوطنية.

فيما يلفت إلى أن المجتمع المدني ومؤسساته لهم دور أساسي في دعم التوجه لتضمين الجهات المعنية بحقوق العمّال في اللجنة الوطنية، ولكن هذا ليس إلا جزءًا من الهدف الأكبر الذي يتضمن إشراك المجتمع المدني في الخطط والسياسات والمشاريع المتعلقة بحماية حقوق العمّال، وكذلك الشراكات على المستوى العالمي وبخاصة مع منظمة العمل الدولية.

النقابات جزءً من منظومة عمل الاقتصاد 
بدورها، تقول عضوة المكتب التنفيذي لاتحاد نقابات عمّال الأردن بشرى السلمان في حديثها إلى "المرصد العمّالي الأردني" إن الاتحاد ينظر إلى ملف نظام تغير المناخ بأهمية بالغة، والنقابات العمّالية جزءاً من منظومة واحدة تحكم عمل الاقتصاد الوطني، ومعادلة تجمع شركاء العمل والإنتاج من العمّال وأصحاب العمل.

وتوضح أن أي تداعيات أو اضطرابات تؤثر على الجميع، إلا أن التأثير على العمّال يكون دائما أكبر بصفتهم الطرف الضعيف، وجاءت المواثيق والاتفاقيات الدولية والقوانين الوطنية لحمايتهم والمحافظة على حقوقهم وبالتالي يجب تضمين الجهات المذكورة في النظام.

وتشير إلى أن هناك أهمية لوجود وزارة العمل تأكيداً على دورها في البحث في القضايا الطارئة ومدى تأثيرها على سوق العمل والعمّال، فيما النقابات العمّالية هي من تمثل العمّال لذلك يجب أن تكون حاضرة في صنع القرار ورسم السياسية التي تتعلق بالعمّال انطلاقا من مبدأ الشراكة الاجتماعية والثلاثية.

وتؤكد على ضرورة وجود الاتحاد والنقابات العمّالية ويكون لهم دور مهم في تعديلات النظام، "نأمل أن نكون شركاء في وضع الخطط، وهذا ما يجعل السياسات والبرامج التي تضعها الحكومة من خلال وزارة البيئة أكثر حساسية لقضايا العمّال وحقوقهم".

وتوضح السلمان أن النقابات العمّالية تمثل العمّال في قطاعات مختلفة، وبالتالي درجة تأثر هذه القطاعات الاقتصادية بالتغيرات وتأثيرات التغير المناخي متفاوتة ومتباينة، وعند الحديث عن الاقتصاد الأخضر يجب الحديث عن التوجه نحو ممارسات وحلول أيضاً خضراء، وهذا الأمر يخلق واقع جديد، وهناك حاجة ماسة لوجود قاعدة بيانات شاملة ودراسات موثقة تشارك فيها النقابات العمّالية.  

وتدعو السلمان إلى ضرورة إعادة النظر بأنظمة السلامة والصحة المهنية وتطوير برامجها والسياسة الناظمة لها بما ينسجم مع المرحلة الراهنة والتحديات التي تفرضها ظاهرة التغير المناخي، بالإضافة إلى إشراك النقابات العمالية في برامج وخطط الحكومة المتعلقة بمواجهة الظاهرة وإدماجهم في الفرق الفنية التي تمثل القطاعات المختلفة. 

وتطالب السلمان، وهي رئيسة النقابة العامة للعاملين في الزراعة والمياه والصناعات الغذائية، بدعم النقابات العمّالية وتعزيز إمكانياتها للمشاركة في عملية التأهيل والتدريب في الوظائف الجديدة، والتي يوفرها الاقتصاد الأخضر كأحد حلول مواجهة آثار التغير المناخي، وتطوير منظومة الحماية الاجتماعية لتوفير الدعم اللازم للعمال الذين يفقدون وظائفهم في القطاعات الاقتصادية المتضررة من آثار التغير المناخي، وهنا تجدر الإشارة إلى تعديلات قانون الضمان الاجتماعي وأهميتها في هذا الإطار.

"العمل" تماطل بالرد
فيما أرسل "المرصد العمّالي الأردني" نموذج ضمان الحصول على معلومة إلى وزارة العمل في الثالث من تموز، لمعرفة ما إذا كان للوزارة معرفة بمدى تأثير عدم وجودها ضمن النظام واللجنة على مختلف الفئات العمّالية، والتوجه للمطالبة بإدراجها ضمن النظام وبالتالي اللجنة، إلا أنه لم يتلق ردا من الوزارة.

مؤشرات وأرقام 
وفقاً لتقديرات المنتدى الاقتصادي العالمي، فإن أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي العالمي، أي 44 تريليون دولار، يعتمد بشكل معتدل أو كبير على الطبيعة، ويعتمد أكثر من 70 بالمئة من الفقراء على الموارد الطبيعية لكسب عيشهم. ما يدلل على تأثر العديد من الفئات العمالية بسبب التغير المناخي.

فيما يلفت تقرير نشرته بي بي سي نيوز عربي منذ أسابيع إلى أن المهن الأكثر تضرراً من تقلبات المناخ الشديدة هي: الزراعة، الصيد، السياحة، البناء والترميم، إخماد حرائق الغابات، وبطبيعة الحال فإن العاملين يتأثرون بشكل مباشر بسبب التغير المناخي.