المرصد العمّالي الأردني - رزان المومني
على الرغم من أن الإطار التشريعي المتعلق بحماية العاملين من الأشخاص ذوي الإعاقة يُلزم الجهات المُشغلة بتوظيفهم وضمان عدم تعرضهم للتمييز بسبب إعاقتهم، فإنهم قد يتعرضون لانتهاكات عمّالية ومخالفات وتمييزا ضدهم، وبخاصة العاملين منهم في القطاع الخاص.
وعند مقارنة أوضاع العاملين من ذوي الإعاقة في القطاعين العام والخاص، نرى أن العاملين منهم في القطاع الخاص يواجهون تحديات مضاعفة، ولا يفضل بعض أصحاب العمل بالقطاع الخاص تشغيل ذوي الإعاقة لاعتقادهم بأنهم لا يتمتعون بكفاءة كما العاملين الأصحّاء.
يؤكد عاملين من ذوي الإعاقة في القطاعين العام والخاص أنهم يواجهون تحديات عديدة ويتعرضون أحياناً للتمييز ضدهم، والبعض منهم لا يعرف كيف يقدم شكوى إلى وزارة العمل، فيما يرفض بعض أصحاب العمل تشغيل طالبي الوظائف من ذوي الإعاقة، لاعتقادهم بأنهم غير قادرين على العمل بكفاءة.
تعمل بالقطاع الخاص وتتعرض لتمييز
تعمل مريم بتغليف المنتجات منذ ثلاث أعوام في إحدى مصانع الأغذية بمحافظة إربد، وتعاني من إعاقة حركية في قدمها اليسرى، وتواجه العديد من التحديات أثناء عملها.
تقول مريم، في حديثها لـ"المرصد العمّالي الأردني"، إنها تشعر كل يوم بالإهانة من مديرها لتعامله السيء معها بسبب إعاقتها، رغم أنها تعمل بشكل لا يقل كفاءة عن زميلاتها اللاتي لا يعانين من إعاقة.
ومن الجانب النفسي، توضح مريم أن بيئة العمل غير داعمة، ما يجعلها تفكر بشكل مستمر في ترك العمل، وسط ظروف معيشية صعبة تعاني منها، وفي ظل عدم معرفتها بكيفية تقديم شكوى لوزارة العمل.
وتشير إلى أنه عندما تأخذ إجازة لمراجعة الطبيب تُخصم الإجازة من راتبها بقيمة ثمانية دنانير، "راتبي الشهري لا يتعدى 180 دينار مع خصم اشتراك الضمان الاجتماعي، وعندما اضطر لأخذ إجازة أفقد الحافز الشهري 20 ديناراً إلى جانب خصم يوم الإجازة".
وتلفت مريم إلى أنها طالبت مديرها مراراً بتغيير عملها وانتقالها إلى قسم آخر في العمل إلا أنه رفض، على الرغم من قدرتها الجسدية، ونعتها بعجزها عن العمل إلا في قسم التغليف. فيما تطالب مريم الجهات المعنية بتشديد الرقابة على القطاع الخاص وأصحاب العمل وإعطاء العاملين حقوقهم.
يعمل بالقطاع الحكومي.. تحديات ولكن
بينما يعمل عبد الرحمن حمدان محرراً في مديرية الإعلام الرقمي لدى وكالة الأنباء الأردنية منذ عشرة أعوام، ويعاني من إعاقة بصرية، ويعمل بواقع خمسة أيام في الأسبوع وست ساعات يومياً وبراتب 500 ديناراً شهرياً.
يقول حمدان، في حديثه لـ"المرصد العمّالي الأردني"، إنه ما من صعوبة تواجهه في عمله، والمعينات البصرية التي تجعله قادراً على القيام بعمله على أكمل وجه متوافرة.
إلا أنه يقترح، لتحسين ظروف عمله، توفير البرمجيات والتقنيات التي تساعده القيام بعمله بسهولة أكثر.
ويشير حمدان إلى أن هناك بعض الجهود لدعم دمج الأشخاص ذوي الإعاقة، لكن لا تزال التحديات كبيرة، والحكومة الأردنية تشجع على توظيف ذوي الإعاقة مثل تخصيص نسبة من الوظائف لذوي الإعاقة.
ويرى أن وجود برامج تدريبية وتوجيه مهني موجهة لذوي الإعاقة، مثل البرامج التي تقدمها وزارة العمل والمؤسسات غير الحكومية، تمكّنهم من اكتساب المهارات اللازمة لسوق العمل وتحسين فرص توظيفهم.
رُفضت مراراً بسبب إعاقتها
أما تقوى التي تعاني من إعاقة حركية بيدها اليسرى، فلم تعمل بتاتاً لا في القطاع الخاص ولا حتى في القطاع العام، إذ رُفضت ثلاث مرات عند تقديمها للعمل في المدارس الخاصة كمعلمة لمادة الكيمياء بسبب إعاقتها، رغم قدرتها على العمل وفق ما تقوله لـ"المرصد العمّالي الأردني".
وتوضح أن الثلاث مدارس التي رفضتها كانت تبرر بأنها لا تستطيع العمل والاستمرار فيه بسبب إعاقتها، "تخرجت من جامعة اليرموك بتخصص الكيمياء منذ خمسة أعوام، وحالياً أنتظر ديوان الخدمة المدنية ليعلن عن توظيفي وهو خياري الأخير".
وتشير إلى أنها تعمل في منزلها على تدريس بعض طلاب مرحلة الثانوية العامة، لتتجنب الجلوس بلا عمل، "اتفق مع طلاب التوجيهي على تدريسهم طوال الفصل مقابل 500 ديناراً لكل طالب، وكل فصل أدرس طالب أو طالبين".
الإطار التشريعي
وفق قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، تُلزم الفقرة (ه) من المادة 25 الجهات الحكومية وغير الحكومية التي لا يقل عدد العاملين والموظفين في أي منها عن 25 ولا يزيد على 50 عاملاً وموظفاً، بتشغيل شخص واحد على الأقل من ذوي الإعاقة، وإذا زاد عدد العاملين والموظفين على 50 عاملاً وموظفاً، تخصص نسبة تصل إلى 4 بالمئة من شواغرها لذوي الإعاقة وفقاً لما تقرره وزارة العمل.
فيما تنص المادة 13 من قانون العمل الأردني وتعديلاته على إلزام صاحب العمل بإرسال بياناً إلى وزارة العمل يحدد فيه الأعمال التي يشغلها ذوو الإعاقة وأجر كل منهم.
كما أن نظام تشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة، يُلزم كل منشأة يزيد عدد العاملين فيها عن 50 عاملاً أن تشغل نسبة 4 بالمئة منهم من ذوي الإعاقة. كما ويُلزم النظام تشغيل شخص واحد من الأشخاص ذوي الإعاقة إذا كان عدد العاملين في المؤسسة أكثر من 25 وأقل من 50 عاملاً.
ويتولى مفتشو وزارة العمل، وفق النظام، التحقق من وجود أي شكل من أشكال التمييز على أساس الإعاقة في المؤسسة، ومدى التزام المؤسسة بتوفير الترتيبات التيسيرية المعقولة أو إمكانية الوصول أو الأشكال الميسرة للعمّال ذوي الإعاقة لديها دون تحميلهم أي تكلفة مالية.
كما يُلزم النظام صاحب العمل عند تشغيل عامل من الأشخاص ذوي الإعاقة مراعاة مؤهلاته العلمية وخبراته العملية وتحدد الأجر المخصص لهذا العامل دون أي تمييز على أساس الإعاقة.
ووفقاً لتعليمات حماية المرأة الحامل والمرضعة وذوي الإعاقة والعمل الليلي الصادرة تشرين الثاني الماضي، فإنه لا يجوز تحديد أعمال معينة للأشخاص ذوي الإعاقة واستبعادهم من أعمال أخرى، بل اعتماد كفاءتهم في إنجاز المهام المطلوبة.
وألزمت التعليمات، صاحب العمل توفير الترتيبات التيسيرية المعقولة وإمكانية الوصول التي تتيح للأشخاص ذوي الإعاقة القيام بالمهام الوظيفية أو العملية والاستمرار والترفيع فيهما، إضافة إلى مراعاة المؤهلات العلمية والخبرات العملية عند تشغيل عامل من الأشخاص ذوي الإعاقة وتحديد الأجر المخصص لهذا العمل دون تمييز قائم على أساس الإعاقة.
خبير: الأهم توفير الترتيبات التيسيرية لهم
من جانبه، يقول الخبير في قضايا العمل والعمّال حمادة أبو نجمة في حديثه لـ"المرصد العمّالي الأردني" إن أهم ما يمكن الحديث عنه لحقوق العاملين من ذوي الإعاقة هو توفير الترتيبات التيسيرية التي رأى أنها قد لا تتوافر في القطاع الخاص.
ويوضح أبو نجمة أن عدم الالتزام بالنسبة التشغيلية التي ينص عليها قانون الأشخاص ذوي الإعاقة وقانون العمل، يُعتبر مخالفة وانتهاك عمّالي وتمييز ضد الأشخاص ذوي الإعاقة.
ويشير إلى أن الانتهاكات التي يتعرض لها العاملين من ذوي الإعاقة تختلف في القطاع الخاص عن القطاع العام، ويعتمد ذلك على طبيعة وبيئة العمل وأنواع الإعاقات التي يعاني منها العاملون.
ويقترح أبو نجمة لتحسين أوضاع العاملين من ذوي الإعاقة، توفير البيئة المناسبة بأماكن عملهم، وتقديم الدعم اللازم للمؤسسات غير القادرة على توظيف ذوي الإعاقة من قبل الجهات المعنية.
ويشدد على ضرورة زيادة الرقابة والتفتيش على المؤسسات التي تمارس التمييز ضد العاملين من ذوي الإعاقة، وفرض إجراءات عقابية وصارمة على كل المؤسسات غير الملتزمة في تشغيل نسبة 4 بالمئة من ذوي الإعاقة من إجمالي نسبة العاملين لديها.
"العمل": نتعامل مع الشكاوى بدون تفرقة
بدورها، تقول وزارة العمل في تصريح إلى "المرصد العمّالي الأردني" إنها تتعامل مع الشكاوى الواردة إليها عبر "منصة حماية" وفق قانون العمل والأنظمة بدون تفريق وبنفس آلية العمل، أكانت مقدمة من ذوي الإعاقة أم لا. فيما لم ترد الوزارة على السؤال المتعلق بعدد الشكاوى الواردة لها من العاملين ذوي الإعاقة.
وتوضح أنها تتعامل مع أي تجاوزات ومخالفات لقانون العمل والأنظمة الصادرة بموجبه، والتي قد تنتقص من حقوق العمّال أو تعريض حياتهم لخطر أو إصابات عمل ومن بينهم العاملين من ذوي الإعاقة.
وتشير إلى أن قانون العمل لا يُفرّق في الحقوق والواجبات ما بين ذوي الإعاقة وغيرهم من العاملين، إلا من ناحية تجهيز مكان العمل بما يُسهّل حركة ذوي الإعاقة ونسبة تشغيلهم المفروضة بقانون الأشخاص ذوي الإعاقة.
وتلفت الوزارة إلى أن اعداد المشتغلين من ذوي الإعاقة والمسجلين من خلال الوزارة وصل حتى نيسان الماضي إلى 28 عاملاً، فيما وصل عدد المشتغلين العام الماضي إلى 73 عاملا.