أكد المرصد العمالي الأردني أن السياسات الاقتصادية التي طبقتها وما تزال تطبقها الحكومة فاقمت التحديات التي يواجهها العمّال في الأردن، وأضعفت من مشاركتهم الاقتصادية، ما أثر سلبا على الاقتصاد الوطني.
وبين المرصد أن سوق العمل الأردني ما يزال يعاني من اختلالات عديدة أدت إلى تراجع شروط العمل، وبالتالي حرمان قطاعات واسعة من العمال من التمتع بحقوقهم والتغول عليها، أكان من حيث الأجور المتدنية أو الحمايات الاجتماعية الضعيفة أو حتى عدم توفر فرص عمل.
جاء ذلك في تقرير أصدره المرصد التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، اليوم الثلاثاء، بمناسبة يوم العمال العالمي الذي يُصادف الأول من أيار من كل عام.
وأشار المرصد إلى أن العديد من العاملين والعاملات يواجهون تحديات عديدة في سوق العمل تمنعهم من المشاركة الاقتصادية الفعالة، حيث التباطؤ الاقتصادي ومعدلات البطالة التي ما تزال مرتفعة مقارنة مع معدلات البطالة التاريخية في الأردن، ومعدلاتها في غالبية دول العالم، إذ كانت قبل جائحة كورونا (19.2) بالمئة ووصلت إلى (21.4) بالمئة في الربع الرابع من العام 2023.
وأوضح المرصد أن برامج التشغيل في الأردن التي تعتمد عليها الحكومة منذ سنوات في تخفيض معدلات البطالة لم تنجح في الوصول إلى هدفها، لأنها تغافلت عن الأسباب الحقيقية وراء ارتفاع معدلات البطالة المتمثلة في تراجع قدرة الاقتصاد الوطني على توليد فرص عمل كافية لطالبيها، وهذا يعود إلى اختلالات في السياسات الاقتصادية التي أرهقت الاقتصاد والمجتمع بالضرائب غير المباشرة.
كما أسهمت سياسات التعليم بشكل ملموس في زيادة معدلات البطالة، حيث التوسع في التعليم الجامعي الأكاديمي على حساب التعليم المتوسط والتقني والمهني، بينما حاجات سوق العمل تتجه نحو الوظائف الفنية والمهنية والتكنولوجية.
وفيما يخص مستويات الأجور، لفت المرصد إلى أن مستويات الأجور في الأردن متدنية جدا مقارنة مع المستوى المعيشي الذي يشهد ارتفاعات مستمرة بين فترة، ونبّه إلى أن هناك احتمالات لمواصلة الارتفاعات في معدلات التضخّم خلال الفترة المقبلة، جرّاء العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، والاضطرابات في البحر الأحمر وباب المندب، ما يتطلب إعادة النظر بالأجور ورفعها، بما يُمكّن المواطنين من استيعاب آثار تلك الارتفاعات وتخفيف الأعباء عنهم.
وبالنسبة للحمايات الاجتماعية، بين المرصد أن نحو نصف القوى العاملة في الأردن ما تزال غير مشمولة بمظلة الضمان الاجتماعي، ورأى أن منظومة الحماية الاجتماعية في الأردن تتراجع أكثر فأكثر كل عام، وبخاصة بعد التعديلات التراجعية الأخيرة التي طرأت على قانون الضمان الاجتماعي والتي سمحت للقطاع الخاص بتخفيض نسبة الاشتراكات الشهرية لتأمين الشيخوخة والعجز والوفاة بنسبة أقصاها 50 بالمئة عن المؤمن عليهم الأردنيين الذين لم يكملوا سن الـ30 ولم يسبق لهم الاشتراك بالضمان الاجتماعي وفق نظام يصدر لهذه الغاية، على أن يتم شمولهم بتلك التأمينات بشكل كامل اعتبارا من تاريخ إكمال سن الثلاثين.
وأكد المرصد أن استثناء الشباب من أهم تأمين يوفره الضمان الاجتماعي يتعارض مع جوهر عمل المؤسسة التي تهدف الى توسعة الشمول وبكافة التأمينات، ويحمل تمييزا ضد الشباب.
أما فيما يتعلق بالسلامة والصحة المهنية، فقال المرصد إن هناك ضعفا في تطبيق التشريعات الخاصة بالسلامة والصحة المهنية على المنشآت، ما أدى إلى تفاقم وفيات وإصابات العمل.
إذ ارتفعت نسبة إصابات العمل المعتمدة لدى المؤسسة لعام 2022 بنسبة (13.1) بالمئة عن العام 2021، وأن معدلات وقوع الإصابة ما تزال مرتفعة نسبيا من حيث الشدة، إذ سجّلت المؤسسة إصابة عمل كل (30) دقيقة في جميع القطاعات.
وأوصى المرصد بمراجعة سياسات التشغيل للوصول إلى هدفها، والتركيز على تأسيس المشاريع الإنتاجية التي تولد فرص عمل حقيقية في صفوف العاطلين عن العمل وبخاصة الشباب.
كما أوصى بضرورة إعادة النظر بسياسات الأجور باتجاه رفعها بما يتناسب مع المستوى المعيشي في الأردن، وتطوير نظم إنفاذ التشريعات العمالية، لوضع حد للتجاوزات التي تجري عليها، وتمكين العاملين والعاملات من التمتع بظروف عمل لائقة.