المرصد العمّالي الأردني- رزان المومني
يتعرض مئات العمّال الذين يعملون بنظام "الكرت" في الجامعات الحكومية إلى انتهاكات عمّالية بالجملة؛ بيد أنهم في الواجبات يعامَلون معاملة الموظفين الرسميين.
ومع أنه يتم تعيينهم بقرار من رؤساء الجامعات، إلا أنهم من ناحية الحقوق العمّالية يعامَلون معاملة عمّال المياومة ومحرومون من العديد من حقوقهم العمّالية.
ويُعرف "نظام الكرت" بنظام عمل يتم من خلاله إعطاء العاملين بطاقة أو "كرت" من خلاله يستطيعون الدخول إلى المؤسسات التي يعملون فيها، ومنها الجامعات، والقيام بأعمالهم.
هؤلاء العمّال غير مشمولين بالحمايات الاجتماعية ويُحرمون من العديد من الحقوق الواردة في قانون العمل، فلا يحصلون على أيّ نوع من الإجازات وتُصرف رواتبهم بناءً على عدد أيام العمل التي لا تُجاوز 16 يوماً في الشهر؛ حتى لا يخضعوا، لأحكام قانون الضمان الاجتماعي، وتُصرف مستحقاتهم جميعهم في الجامعة الواحدة بشيك واحد وبعدها يتم توزيع الأجر بحسب عدد أيام العمل في الشهر لكل عامل باليد.
وتُوكل إلى هؤلاء العمّال العديد من المهمات داخل الحرم الجامعي وخارجه، منها ما يُصنف ضمن المهن الخطرة التي قد تعرضهم إلى إصابات مثل العمل في صيانة الكهرباء والحِدادة وإرسال البريد داخل الجامعة وخارجها، بيد أنهم غير مشمولين في الضمان الاجتماعي ليضمن لهم حقوقهم حال تعرضوا لإصابات وأخطار.
إشراكها بالضمان حق واستقرار وظيفي لها
تعمل حياة (اسم مستعار) منذ ما يُقارب العام بنظام الكرت في جامعة حكومية، ومنذ يومها الأول لا تعرف ما هو مسماها الوظيفي ولا حتى من هو مديرها؛ لكثرتهم، ففي كل يوم عمل لديها مدير مختلف.
تقول لـ"المرصد العمّالي الأردني" إنها تشعر دائماً بعدم الاستقرار الوظيفي، وبحثت كثيراً عن عمل آخر ولم تجد، وما يجبرها على الاستمرار في العمل، هو ألّا تكون عبئاً على أسرتها في ظل ظروفهم المعيشية التي وصفتها بـ"الصعبة".
وتشير إلى أن أجرها الشهري لا يُجاوز 170 ديناراً، ويقل أحياناً لأنها تضطر إلى التغيب عن العمل، ويُخصم من أجرها لعدم تمتعها بأي نوع من الإجازات المتضمنة للعمّال في قانون العمل.
وتطالب حياة بالاعتراف بها وبزملائها العاملين بنظام الكرت، كعمّال لهم حقوق وضمانات لحقوقهم العمّالية والوظيفية، وتقول: "نأمل أن يتم شمولنا على الأقل بالضمان الاجتماعي لنضمن جزءاً من حقوقنا ونشعر بالاستقرار الوظيفي وبأن سنوات عملنا لها فائدة".
بعد إنصافه بالمحكمة.. ينتظر الضمان
أما إبراهيم الشوحة فينتظر حالياً قراراً بشموله بالضمان الاجتماعي طيلة عمله مدة عامين ونصف العام بنظام الكرت في إحدى الجامعات الحكومية، بعد أن كسب قضية رفعها ضد الجامعة بسبب فصله تعسفياً لمطالبته بحقوقه العمّالية.
يقول الشوحة لـ"المرصد العمّالي الأردني" إن الجامعة من ناحية الواجبات تعاملهم كموظفين رسميين، وساعات العمل تبدأ في الثامنة صباحاً وتنتهي عند الرابعة مساءاً ويجب أخذ البصمة عند بداية العمل وانتهائه، أما من ناحية الحقوق والتأمينات فتعاملهم معاملة عمّال المياومة.
ويوضح أن عدد العاملين بنظام الكرت خلال فترة عمله كان يُقارب 170 عاملاً وعاملة، وبعض الأعمال تكون خطرة ويجب حماية العامل وتأمينه قبل البدء بالعمل، مثل العاملين الذين يعملون في الصيانة والكهرباء والحِدادة داخل مرافق الجامعة.
ويشير الشوحة إلى أنه لا يوجد أي نقابة يمكن الرجوع إليها حال تعرض العمّال لأي انتهاك عمّالي، ولا حتى مرجع إداري، وكان يُبلّغ بمكان عمله عبر الهاتف وعمِل بأكثر من مسمى وظيفي، وبعد أن قررت الجامعة فصله وزملاءه رفع دعوى لدى المحكمة ضد الجامعة، وكسب القضية وصدر قرار بتعويضه ولم يحصّله بعد.
عمل خطر.. ولا حمايات اجتماعية
فيما كان يعمل محمد بشتاوي في جامعة حكومية سائق دراجة، ويوزع البريد داخل الجامعة وخارجها، استمر عمله ستة أعوام بدون أي عقد أو حمايات، وكان يمكن أن يتعرض لأي إصابة أثناء عمله شتاءً وصيفاً، إلا أنه بقي حذراً طوال سنوات عمله.
يقول بشتاوي لـ"المرصد العمّالي الأردني" إنه بدأ عمله وعشرة عمّال آخرون، وعملهم يبدأ عند الثامنة صباحاً وحتى الرابعة عصراً، ويوماً بعد يوم، وفي يوم العمل الواحد يحصلون على 13 ديناراً. وبعدها تجاوز عدد العمّال بنظام الكرت حاجز المئة عامل.
ويشير إلى أن الإداريين في الجامعة التي عمل بها لا يعترفون بهم كموظفين، لكنهم يدققون على البصمة في اليوم الذي يعملون فيه رغم أنه لا عقد عمل يثبت عملهم في الجامعة.
ويلفت إلى أن الأجور المستحقة كانت تُصرف بشيك بالمبلغ كاملاً لجميع العمّال وهناك كشف لكل عامل بعدد الأيام التي عمل بها يأخذ العامل أجره باليد، "في بداية العمل كان الأجر يصرف بالصناديق المالية للجامعة، وعندما تجاوز عدد العاملين المئة أصبح يصرف بشيك واحد للجميع".
ويستدرك بأنه عندما طالب بتحصيل حقوقه، لم يجد أي نقابة تدافع عن حقوقهم نظراً لتعدد المهام والقطاعات التي يعملون فيها بنظام الكرت، حينها قدم شكوى ضد الجامعة وما زال ينتظر بصدور قرار المحكمة لتعويضه.
ضرورة مراجعة النص القانوني
بدوره، يقول خبير التأمينات والناطق السابق باسم مؤسسة الضمان الاجتماعي موسى الصبيحي، في حديثه لـ"المرصد العمّالي الأردني"، إن قانون الضمان الاجتماعي كان واضحاً وأبقى العلاقة بين صاحب العمل والعامل منتظمة، وإذا كانت كذلك يكون هناك نوع من الإلزام لصاحب العمل في إشراك العامل بالضمان الاجتماعي.
ويوضح أن عامل المياومة حتى تكون العلاقة منتظمة يجب أن يعمل 16 يوماً فأكثر في الشهر الواحد، وإذا عمِل أقل من ذلك لا يتم شموله في الضمان الاجتماعي إلا في حالة واحدة؛ "حال أصبح يتقاضى أجرا شهرياً واضحاً، بصرف النظر عن عدد أيام العمل خلال الشهر الواحد باستثناء أول شهر يجب أن يعمل 16 يوماً".
ويشير الصبيحي إلى أن العامل إذا تقاضى "مكافأة ثابتة" عبر جميع الأشهر التي عمل خلالها، يتم شموله في الضمان حتى وإن عمِل أقل من 16 يوماً في الشهر الواحد باستثناء الشهر الأول. وينبه إلى أن "موضوع الـ16 يوماً قديم وتطورت أوضاع وصور وأشكال العمل وسوق العمل كثيراً، وإبقاء الأمر على ما هو عليه يُدلل على نوع من القصور".
ويشدد على ضرورة "مراجعة النص القانوني لقانون الضمان الاجتماعي" الذي ينص على العلاقة المنتظمة لمدة 16 يوماً في الشهر بين صاحب العمل والعامل، بما يتفق وتطورات سوق العمل في الأردن وأيضاً تطور أشكال العمل ودخول ما يسمى بالعمل المرن والعمل بالكرت.
ويحض الصبيحي على ضرورة "إعادة النظر بالعمالة غير المنظمة" التي تعمل في القطاعات غير المنظمة بشكل جذري "بحيث يتسع قانون الضمان الاجتماعي لكل أشكال العمل ونستطيع حماية العامل أين ما ذهب وتحت أي إطار من العمل وأي صورة من صور العمل".