المرصد العمّالي الأردني - رزان المومني
كشف مدير عام مؤسسة الإقراض الزراعي محمد دوجان أن الآلية التي ستجري من خلالها التأمين على حياة المقترضين من خطر الوفاة والعجز الكلي من خلال شركات التأمين المعتمدة في الأردن، مقابل دفع رسم اشتراك بموجب بوليصة جماعية موقعة بين المؤسسة وشركة التأمين التي أحيل عليها عطاء التأمين.
وكانت المؤسسة قد أعلنت منذ أيام إخضاع قروض المزارعين للتأمين الإجباري، وجعله اختياريا للمقترضين قبل نهاية عام 2023، في الوقت الذي يعاني فيه المزارعون من عدم القدرة على تسديد القروض.
ويبلغ عدد المقترضين من عشرين ألف دينار فما دون 9310 مقترضين، وفقا لأرقام المؤسسة العام الماضي. وهؤلاء يدخلون في فئة صغار المزارعين، وأغلبهم هم عاملون وأصحاب عمل في ذات الوقت.
وبلغ عدد المزارعين المقترضين تحت الخمسة آلاف دينار 7268 مزارعا، وبلغ عدد المقترضين من خمسة إلى عشرة آلاف دينار 1746 مزارعا، وبلغ عدد المقترضين من عشرة إلى عشرين ألف دينار 296 مزارعا.
آلية التأمين وأهدافه
وفي تصريح إلى "المرصد العمّالي الأردني"، يوضح دوجان أن المُزارع المقترض سيدفع لاستيفاء رسم الاشتراك مبلغ أربعة دنانير لكل ألف دينار لمرة واحدة، تُدفع مقدماً مضروبة في أجَل القرض. فيما ستدفع شركات التأمين رصيد القرض كاملا وفقا للشروط المتفق عليها في بوليصة التأمين حال وفاة أو إصابة المقترض بعجز كلي يمنعه عن ممارسة حياته الطبيعية.
ويشير دوجان إلى أن الهدف من فرض التأمين هو "تغطية وضمان تسديد القرض في حال الوفاة أو العجز الكلي للمقترض المؤمن"، بحيث تتحمل شركات التأمين تسديد كامل المبلغ المطلوب من المقترض وعدم اللجوء إلى الورثة والإجراءات القانونية لتحصيل قيمة القرض.
ويلفت إلى أن من أسباب فرض التأمين هو "تحقيق أمان مجتمعي للعاملين في القطاع الزراعي وتحقيق نقلة نوعية في القطاع الزراعي"، خصوصا وأن معظم المزارعين غير مشمولين تحت أي مظلة تأمينية أو أي جهة تغطي الدين، ولا حتى وجود صندوق يغطي حالات الوفاة أو جهة تتكفل بتسديد القروض في حال وفاة المقترض.
ويوضح دوجان أن التأمين الإجباري يلغي إشكالية الرجوع إلى الورثة في حال وفاة المقترض وصعوبة تحصيل هذه القروض؛ ما يؤدي إلى حدوث مشاكل بين الورثة، فيما توقف رواتب المتوفين تُجنّب الوصول إلى إجراءات تنفيذ الدين في حال عدم التسديد.
ما آلية اختيار شركات التأمين؟
وحول آلية اختيار شركات التأمين، يشير دوجان إلى أنها تتم وفق نظام المشتريات الحكومية الذي يحكم عمليات الشراء والعطاءات الحكومية، وراعت المؤسسة حماية المقترضين ووضع الشروط والتعديلات التي تغطيهم.
ويبيّن بأن "عقد التأمين" هو عقد تأمين جماعي بين المؤسسة وشركة التأمين وأن السعر التأميني يتم تقديمه من قبل الشركات وتقدير المخاطر والتعويضات ومعيدي التأمين والكلف.
ويوضح أن اختيار الشركات يتم عند مطابقة شروط دعوة العطاء والأرخص المطابق، فيما شكّلت المؤسسة عدة لجان لدراسة الجوانب الفنية والمالية والقانونية كافة للتوصل إلى صيغة متفق عليها لحماية مختلف الأطراف.
هل يلغي التأمين صندوق المخاطر الزراعية؟
وعن تأثير فرض التأمين على صندوق التعويضات الزراعية أو إلغائه، يجيب دوجان بأنه لا يوجد تعارض بين التأمين الإجباري على حياة المقترضين من الوفاة والعجز الكلي وبين صندوق المخاطر الزراعية وهو لصالح المقترض.
ويشير إلى أن التأمين الإجباري الذي ستقوم المؤسسة بتطبيقه يغطي المزارعين بتأمين الحياة أو الإصابة بعجز كلي وهو يغطي الشخص الاعتباري، بينما يهدف صندوق المخاطر الزراعية إلى تغطية المخاطر الزراعية التي تتعرض لها الزراعة بشكل عام، فيما يتعلق بالأحوال الجوية والكوارث الطبيعية.
وفي السياق ذاته، صرّح وزير الزراعة خالد الحنيفات خلال تفقده أخيراًعدداً من مزارع الحمضيات والزراعات الاستوائية في لواء الأغوار الشمالية، بأن لدى الوزارة توجه لتعديل عمل صندوق المخاطر الزراعية ليصبح صندوقا تأمينيا ضد المخاطر الزراعية لحماية المزارع من جميع المخاطر.
ما رأي النقابيين؟
يصف رئيس النقابة المستقلة "تحت التأسيس" للعاملين في الزراعة مثقال الزيناتي هذا القرار بأنه "نهج سلطوي بيروقراطي يتناقض ويتعارض مع الديمقراطية".
ويقول الزيناتي، في حديثه إلى "المرصد العمّالي الأردني"، إن قرار فرض التأمين يحتاج إلى مناقشة وحوار وسماع وجهات نظر الآخرين، ويستغرب من أن القرار يفرض التأمين "الإجباري" الذي هو بمثابة "عبودية واغتصاب" وفق تعبيره.
ويشير إلى أن القروض الجديدة للمزارعين إجبارية، وظروف المزارعين صعبة وقاسية لا تمكنهم من التأمين، "بهذا القرار أصبحت الزراعة طاردة للسكان ربما كان هذا النهج سيعجل في هجر الزراعة لمن تبقى من فقراء المزارعين".
ويؤكد الزيناتي أن القرار "لا يصب إلا في مصلحة أغنياء المزارعين"، والأصل أن تلتقي مؤسسة الإقراض الزراعي جموع المزارعين لتطرح وجهة نظرها، وتسمع رأيهم بدل أن تفرض رأي الأقلية على الأكثرية.
في حين ترى رئيسة النقابة العامة للعاملين في الزراعة والمياه والصناعات الغذائية بشرى السلمان أن القرار له مزايا عديدة منها حماية المزارعين المقترضين وأسرهم، وتسديد المبلغ المتبقي للقرض في حال وفاة المقترض.
وتقول السلمان في تصريح إلى "المرصد العمّالي الأردني" إن القرار يحافظ على الاستقرار المالي للمستفيدين والعبء المالي على الورثة في حالة الوفاة ويدعم القطاع الزراعي ويعزز الإحساس بالأمان المستقبلي للمشاريع الخاصة.
خيارات أخرى..
من جانبه، يقول خبير التأمينات الاجتماعية والناطق السابق لمؤسسة الضمان الاجتماعي موسى الصبيحي إن المفروض أن يكون هناك صندوق مخاطر خاص بالمقترضين على نمط صندوق المخاطر الزراعية".
وفي تصريح إلى "المرصد العمّالي الأردني"، يقترح الصبيحي تمويل صندوق المقترضين من خلال نسبة اقتطاع بسيطة لا تتعدى واحد بالمئة من القروض الممنوحة للمزارعين المقترضين من مؤسسة الإقراض الزراعي وبدعم بسيط من خزينة الدولة أو من المنح الخارجية عبر وزارة التخطيط.
كما يقترح وضع نظام لهذا الصندوق يتضمن حالات الاستفادة منه والإعفاء من بقية القرض في حالات مثل وفاة المقترض أو الإعفاء الجزئي لحالات الإعسار أو الإفلاس وما شابه.
ويشدد الصبيحي على ضرورة متابعة مشروعات المقترضين من خلال مؤسسة الإقراض الزراعي وفروعها ومساعدتهم وتقديم النصح لهم بما يدعم نجاح مشروعاتهم.