المرصد العمالي الأردني -
أظهر تقرير متخصص أن معدلات مشاركة المرأة في سوق العمل ما تزال من بين أدنى المعدلات في العالم، إذ شهدت مزيدا من الانخفاض لتسجل 13.8 بالمئة في الربع الثاني من العام الحالي.
وبين التقرير، الذي أصدره البنك الدولي بعنوان "بناء النجاح وكسر الحواجز.. إطلاق العنان للقوة الاقتصادية للمرأة في الأردن"، أن هناك أسبابا عديدة تُعيق اندماج المرأة في سوق العمل، وتشمل التعليم ومسؤوليات رعاية الطفل وتوافر خدمات النقل العام والأعراف الاجتماعية، إضافة إلى البيئة القانونية.
وأشار التقرير إلى أن العديد من الإناث ينقطعن عن الدراسة مع تقدم المرحلة الأساسية، إذ أن 85 بالمئة من السكان الإناث في المرحلة العمرية (25) عاما وأكثر أنهين تعليمهن الابتدائي، وثلثهن فقط تمكّـنّ من إنهاء تعليمهن الثانوي، و22 بالمئة أنهين تعليمهن العالي، ومن النادر جدا أن تلتحق الشابات بالدراسات العليا ويُنهينها.
وأوضح التقرير أن نقص الموارد النقدية وانخفاض القدرة على الاقتراض قد يُعيق قدرة النساء على توفير الخدمات الصحية والتعليمية الكافية لأطفالهن.
ولفت إلى أن الأمهات غير العاملات يقضين بالمتوسط 12 ساعة يوميا في أعمال الرعاية، بينما تقضي الأمهات العاملات 8 ساعات يوميا في أعمال الرعاية بالإضافة إلى عملهن مدفوع الأجر، وهو ما يُعيق بشكل كبير انخراطهن في سوق العمل.
وبين التقرير أن خدمات رعاية الطفل في الأردن محدودة، وتتركز الخدمات الرسمية منها (الحضانات) في عدد قليل من المناطق الحضرية المكتظة بالسكان، ومعظمها يُقدمها القطاع الخاص.
وتُشير التقديرات، وفق التقرير، إلى أن 2,3 بالمئة فقط من الأطفال في الأعمار أقل من 5 سنوات يستفيدون من الحضانات، ما يعني أن نحو 1.5 مليون طفل ليس لديهم إمكانية الوصول إلى تلك الحضانات.
وفيما يتعلق بالأعراف الاجتماعية، أشار التقرير إلى أن معظم الأردنيين يؤيدون عمل المرأة خارج المنزل، إلا أن بعض المعتقدات والتوقعات قد تعترض طريق عملها.
وترتبط هذه التوقعات، وفق التقرير، بالمخاوف المتعلقة بالأدوار الجنسانية للنساء المتزوجات أو التضارب في مسؤوليات تقديم الرعاية أو العمل في بيئات مختلطة بين الجنسين أو قضاء وقت بعيدا عن المنزل.
أما بخصوص خدمات النقل العام، فأوضح التقرير أن هناك تحديات عديدة تواجه النساء المستخدمات للنقل العام، مثل تكلفة التنقل المرتفعة وطول الرحلات وعدم توافر أسباب الراحة بما في ذلك مساحة الجلوس وتكييف الهواء والقدرة على التنقل مع الأطفال والبضائع وسهولة ركوب الحافلات والنزول منها وأوقات الانتظار في محطات العبور وتوافر دورات المياه.
كما تفتقر محطات النقل العام إلى معايير السلامة مثل عدم وجود حراسة أو ممثلي الشرطة، وهو ما يزيد احتمالية تعرضهن للتحرش.
وأوصى التقرير بضرورة توفير شبكة أمان للفتيات داخل الأسر الفقيرة، للتخفيف من مخاطر الزواج المبكر أو ترك الدراسة أو تعريض صحتهن للخطر، ومعالجة الصور النمطية التي شكّلتها الأعراف الاجتماعية عن طريق الحملات الإعلامية وتغيير السلوك وتقديم نماذج قدوة من النساء.
كما أوصى التقرير بضرورة التوسع في وسائل النقل العام في المناطق الحضرية والريفية وبأسعار معقولة، إضافة إلى تحسين إجراءات السلامة فيها.
ودعا التقرير إلى إجراء إصلاحات قانونية لتوسيع حقوق الوالدين في قانون العمل، والمساواة في الرواتب التقاعدية في قانون الضمان الاجتماعي، وتوفير ظروف العمل اللائق في أماكن العمل من خلال دعم تنفيذ تشريعات التحرش والعمل المرن والمساواة في الأجور وحمايتها.
وكان المرصد العمالي الأردني أكد في تقارير عديدة له أن عدم التقدم باتجاه زيادة المشاركة الاقتصادية للمرأة في الأردن، يعود بشكل أساس إلى ظروف العمل الطاردة (غير الصديقة) التي يعاني منها معظم العاملين في الأردن رجالا ونساءً، وبخاصة مستويات الأجور المنخفضة وضعف شبكة الحماية الاجتماعية.
وبين المرصد التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية أن ضعف شبكة النقل العام وبخاصة في المحافظات يستهلك نسبة كبيرة من أجور العاملين والعاملات، إلى جانب استهلاك مدد طويلة من أوقاتهم أثناء ذهابهم إلى أماكن عملهم وعودتهم منها، ما ساهم في الضغط أكثر على العديد من النساء للإحجام عن الانخراط في سوق العمل.
كما أن تجربة النساء في النقل تختلف عن الرجال، وبخاصة العاملات في الزراعة بمناطق الأغوار، حيث ضعف الأمان والحماية الشخصية، وصعوبة الوصول إلى وسائل النقل العام.
وشدد المرصد مرارا على ضرورة تحسين شروط العمل في الأردن بعامة وللنساء بخاصة، لتصبح أكثر جاذبية لهن، وذلك على مستوى السياسات والممارسات، وتمكين جميع العاملين والعاملات في الأردن من التمتع بالحقوق والمبادئ الأساسية في العمل ومعايير العمل اللائق بمختلف أبعادها.