طالب المرصد العمّالي الأردني بإعادة النظر بالمنظومة التشريعية المتعلقة بالعمّال المهاجرين بالأردن من خلال تطوير سياسات وطنية توفر إطارا معياريا شاملاً لهؤلاء العمّال استناداً إلى نهج حقوق الإنسان ومعايير العمل اللائق.
وفي بيان أصدره المرصد بمناسبة اليوم العالمي للمهاجرين الذي يصادف 18 كانون أول من كل عام، قال إن المنظومة التشريعية في الأردن تفتقر إلى إطار قانوني شامل يُقر بالمساواة الكاملة بين العمّال الأردنيين والمهاجرين فيما يتعلق بالحقوق العمّالية.
وأوضح المرصد، التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، أن هناك العديد من الاستثناءات الواردة في بعض القوانين والأنظمة والقرارات تُشكل تمييزا ضد العمّال المهاجرين، وأرضيةً ومدخلاً لاتساع رقعة الانتهاكات ضدهم، خصوصا وأن الأردن يقع في المرتبة 148 من أصل 167 عالميا والمرتبة الرابعة عربيا في مؤشر العبودية العالمي لعام 2023، وفقا لمنظمة "Walk Free" العالمية.
وأشار البيان إلى أن عدد العمّال المهاجرين في الأردن الحاصلين على تصاريح عمل الممنوحة من وزارة العمل يُقارب 352 ألف عام 2022، وسط تقديرات بأن مجمل أعداد العاملين ما يُقارب المليون عامل وعاملة. ما يدلل على أن معظم العمّال المهاجرين في الأردن غير حاصلين على تصاريح عمل ويعملون بشكل غير منظم.
وأكد البيان أن العمالة المهاجرة تتعرض للعديد من الانتهاكات والتمييز، منها: قرارات الحد الأدنى للأجور التي تُطبق على الأردنيين فقط، واستثناء عاملات المنازل من الانتفاع من الحماية الاجتماعية في إطار منظومة الضمان الاجتماعي بالرغم من شمول فئة العاملين في المنازل تحت مظلة قانون العمل الأردني، إلى جانب العديد من الممارسات على أرض الواقع ضد قطاعات واسعة من العمالة المهاجرة وبخاصة "نظام الكفالة" الذي تُعتبر أكبر مشكلة يواجهونها.
وتكمن المشكلة في هذا النظام بأنّ مصائر العمّال المهاجرين وجميع معاملاتهم مُعلّقة بشرط وجود صاحب العمل -الكفيل-، ما يعني أن حريتهم في التنقل والسفر واختيار جهة العمل إضافة إلى الأجور والإجازات وعدد ساعات العمل تكون مُقيدة بعبثية الكفيل، ناهيك عن أنهم يتعرضون للضغط والتهديد من قبل الكفلاء بالتبليغ عنهم لتسفيرهم أو وقف الكفالة حال لم يقوموا بالعمل المطلوب منهم.
ولفت البيان إلى أن العمّال المهاجرين الذين يعملون في مختلف المجالات مثل الإنشاءات والزراعة والنجارة وغيرها يتعرضون إلى العديد من إصابات العمل؛ جزئية أو كلية، إذ ينتج عن تلك الإصابات فقدان أحد أجزاء الجسم، أو فقدان العمل وتقليل الأجر.
وأوضح البيان أن النسبة الأكبر من العمالة المهاجرة في الأردن غير مشمولين بالضمان الاجتماعي، وبالتالي لا يحصلون على أي تعويض عن الضرر المادي والجسدي الذي يلحق بهم جراء إصابات العمل التي تحدث لهم، ويدفعون كلف العلاج من حسابهم الخاص.
وأشار البيان إلى أن نسبة الإصابات للعمالة المهاجرة سنوياً، تُقدر بـ20 بالمئة من إجمالي العمالة المهاجرة، وفق تقارير أصدرها "المرصد العمّالي". ومقارنة لهذه النسبة مع نسبة الإصابات التي تتعرض لها العمالة الأردنية، نجد أن نسبة الإصابات للعمالة المهاجرة أكبر.
وشدد البيان على بإعادة النظر بالمنظومة التشريعية المتعلقة بالعمّال المهاجرين وإجراء تعديلات على قانوني العمل والضمان الاجتماعي بإلغاء استثناء عمّال الزراعة والمنازل من الشمول بأحكامهما، وتطوير قاعدة بيانات دقيقة وشاملة بخصوص العمالة المهاجرة في الأردن، وتطبيق وتطوير آليات التفتيش على مواقع عمل العمالة المهاجرة، وبخاصة عاملات المنازل وعمّال الزراعة، للحد من الانتهاكات التي يتعرضون لها.
كما وشدد على ضرورة مصادقة الأردن على جميع اتفاقيات منظمة العمل الدولية المتعلقة بالعمالة المهاجرة؛ بما فيها الاتفاقية رقم 111 بشأن التمييز في الاستخدام والمهنة لسنة 1958 واتفاقية العمل الجبري رقم 29 وتوصيات منظمة العمل الدولية رقم 86 و151.
وأوصى البيان على استبدال نظام الكفالة وتعقيداته بنظام العمل الحر وبما يضمن للعمّال المهاجرين حقوقهم ضمن المعايير الدولية، ويكون للعامل المهاجر حرية السفر والتنقل والعمل واختيار صاحب العمل، ويكون طرفا رئيسا في عملية التعاقد بينه وبين الكفيل، ويمتلك إرادة في إلغاء عقد العمل حين يريد ضمن شروط معينة.
كما أوصى بضرورة تنظيم وضبط سوق العمل في الأردن لوضع حد للفوضى الكبيرة التي يعاني منها سوق العمل حيث اتساع رقعة العمالة المهاجرة غير النظامية -التي لا تحمل تصاريح عمل-، وتضر بمصالح العمال الأردنيين من جهة وتفتح الباب أمام وقوع العديد من الانتهاكات ضدهم، وذلك من خلال تأسيس "سياسة الهجرة" لتنظيم العمالة المهاجرة في الأردن.