أجمع خبراء ومختصون على ضرورة تطبيق أنظمة السلامة والصحة المهنية التي صدرت أخيرا بما يُسهم في تحسين شروط السلامة والصحة المهنية في الأردن.
جاء ذلك خلال جلسة حوارية عقدها مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية بالتعاون مع مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية الثلاثاء، مع خبراء وخبيرات لمناقشة أنظمة السلامة والصحة المهنيّة الجديدة التي صدرت في الجريدة الرسمية في حزيران الماضي بموجب قانون العمل.
وتمثلت عناوين الأنظمة بـ: نظام السلامة والصحة المهنية والوقاية من الأخطار في المؤسسات، ونظام العناية الطبية والوقائية والعلاجية للعمال في المؤسسات، ونظام تشكيل لجان السلامة والصحة المهنية وتعيين المشرفين في المؤسسات.
ويهدف النظام الأول إلى تقييم المخاطر المهنية في بيئة العمل ووضع سياسة لها واتخاذ الإجراءات اللازمة للتعامل مع الحالات المفاجئة، في حين يهدف النظام الثاني إلى توفير الرعاية والعناية الطبية الوقائية والعلاجية للعاملين والعاملات من خلال الفحص الطبي الدوري لهم وتوفير وحدات طبية في المؤسسات للحفاظ على صحة ولياقة العمال، أما النظام الثالث فيهدف إلى الإشراف على تطبيق شروط ومعايير السلامة والصحة المهنية في المؤسسات لحماية العاملين فيها.
وأكد الخبراء في الجلسة أنّ الانظمة بحاجة الى مراجعة وإضافة العديد من المواد لتعزيز تدابير الوقاية والالتزام بمعايير الصحة والسلامة المهنية، خصوصا وأنّ وزارة العمل، التي غابت عن الجلسة الحوارية، لم تُجرِ أي مشاورات وحوارات مع مؤسسات المجتمع المدني والنقابات العمالية والمهنية.
ولاحظوا أنّ هناك فجوات في توفير الحماية الاجتماعية للعاملين فيما تتعلق بأنظمة السلامة والصحة المهنية، وطالبوا باعتماد مبدأ التشاركية مع المؤسسات والجهات ذات العلاقة عند تشريع القوانين وإصدار الأنظمة والتعليمات.
واستهل مدير مركز الفينيق أحمد عوض الجلسة بالتأكيد على ضرورة إيلاء أنظمة السلامة والصحة المهنية، نظرا للازدياد المضطرد في حوادث إصابات العمل، وعزا ذلك إلى الإهمال في تطبيق هذه الأنظمة.
وبيّن عوض أنّ منظمة العمل الدولية اعتمدت أكثر من 40 معيار عمل دولي ذات علاقة بالسلامة والصحة المهنية في إطار 16 اتفاقية دولية، وما يزيد عنها على شكل توصيات، ما يعكس الأهمية الكبيرة لهذا الموضوع.
بدورها، قالت مديرة مديرية إصابات العمل في المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي سكينة المجالي إنّ تطبيق التشريعات ذات العلاقة بالسلامة والصحة المهنية بحاجة لتظافر كافة الجهود الوطنية لتوفير بيئة عمل آمنة والسيطرة على المخاطر المهنية والحد والوقاية من حوادث واصابات العمل.
وأشارت المجالي إلى أنّ الدراسة التحليلية التي اعدت من قبل وزارة العمل لقياس تصنيف انشطة القطاعات الاقتصادية حسب الخطورة في انظمة السلامة والصحة المهنية الجديدة اعتمدت على مؤشرين وهما: معدل الحوادث لكل 1000 مؤمن عليه لخمس سنوات سابقة، ومتوسط العجز 30 بالمئة فأكثر لكل 1000 مؤمن عليه.
ولفتت إلى فريق المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي اقترح ضرورة اضافة العديد من المؤشرات لكل قطاع للحصول على نتائج أدق لتصنيف درجة خطورتها، وتم اعتماد مؤشر الوفيات الاصابيه فقط من قبلهم، وأكدت أنّ هناك ضرورةً لوضع ضوابط رادعة في تطبيق أنظمة السلامة والصحة المهنية الجديدة؛ و إلزام المنشآت بتزويد الوزارة بتقرير تقييم المخاطر المهنية وتقرير بالقياسات البيئية.
وبينت المجالي أن المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي تولي جل اهتمامها بتوفير الحماية الاجتماعية، وحماية المؤمّن عليهم من حوادث وإصابات العمل، من خلال عقد العديد من اللقاءات والورش وزيارات التوعية للمنشآت وتشجيع المنشآت على الالتزام بمعايير السلامة والصحة المهنية وتكريم المنشآت الملتزمة من خلال جائزة التميز في السلامة والصحة المهنية.
وفي عام 2014 تم إضافة تشريعات خاصة بالسلامة والصحة المهنية للتحقق من مدى التزام المنشآت بشروط ومعايير السلامة والصحة المهنية، كما جرى تطوير جائزة الضمان الاجتماعي للتميز في الصحة والسلامة المهنية بحيث اصبحت مكافأة مالية وتستهدف المنشآت الصغيرة والمتوسطة بالاضافة الى المنشآت الكبيرة وتخصيص جائزة لمشرفي السلامة ولجان السلامة والصحة المهنية، بالاضافة الى دورها المستمر بتقديم الاستشارات والتوعية والتدريب وتأهيل المنشآت ومشرفي السلامة، بالاضافة الى تطوير آلية التبليغ عن إصابات وحوادث العمل والعلاج الفوري.
أمّا رئيس المجلس النوعي للسلامة والصحة المهنية فراس شطناوي، فقال إن هناك العديد من الاختلالات وردت في الأنظمة تمثلت في عدم تبني وإلزام المنشآت بتطبيق المواصفة القياسية الأردنية رقم 2247 (انظمة ادارة السلامة والصحة المهنية، المتطلبات ودليل الاستخدام)، إذا بدلا من ذلك جرى تضمينها من مهام مشرف السلامة الاختصاصي.
كما أن هناك مبالغة في عدد الكادر المطلوب بالسلامة والصحة المهنية في المنشآت ذات الفروع المتعددة، وعدم دقة معايير تصنيف المنشآت من حيث الخطورة، حيث جرى وضع معظم الأنشطة الاقتصادية في فئة الأكثر خطورة.
كذلك، عدم اعتماد التعريفات الخاصة بالسلامة والصحة المهنية وفقا للمعايير الدولية والاكاديمية والتشريعية وأهمها نظام إدارة السلامة والصحة المهنية الصادر من منظمة العمل الدولية، وفق شطناوي.
وبين شطناوي أن هناك تناقضا فيما يتعلق بفترة التبليغ عن حوادث وإصابات العمل للوزارة والجهات المعنية، إذ ورد في الأنظمة أن التبليغ يتم خلال 48 ساعة، في حين أن قانون الضمان الاجتماعي يتم الابلاغ خلال 14 يوم عمل، إضافة إلى عدم توضيح العلاقة التنظيمية (الأدوار والمسؤوليات) بين الكوادر الطبية ومشرفي ولجان السلامة والإدارة العليا في المنشأة، ما يؤدي إلى التخبط في المهام.
ولفت أيضا إلى أن نظام العناية الطبية في الأنظمة ركز على الجانب العلاجي من حيث ضرورة تعيين ممرضين أو مسعفين، ولم تُعطي إعطاء الدور الوقائي الأهمية المستحقة، إلى جانب أنه تم اغفال الاعتلالات الصحية في هذا النظام.
وأغلفت الأنظمة أيضا، وفق شطناوي، العديد من المواضيع الحديثة ومنها: التغير المناخي وأثره على السلامة والصحة المهنية، ومخاطر العمل من المنزل، إضافة إلى عدم الأخذ بالمخاطر النفسية في بيئة العمل.
من جانبه، قال الخبير في مجال السلامة والصحة المهنية الدكتور أسامة الشديفات إنّ هناك فجوات بين الأنظمة (نظريا) ومدى تطبيقه (عمليا)، ونبّه إلى أنّ الأنظمة الجديدة ألزمت المنشآت بالتبليغ عن حوادث العمل التي لا ينجم عنها أيّ إصابات.
ولاحظ الشديفات أنّ هذه الأنظمة لم تراعِ طبيعة عمل المنشآت وحجم القوى العاملة فيها، وتساءل عما إذا كان وجود مشرفي السلامة والصحة المهنية هو لتأدية الدور الوقائي أم العلاجي؟
وأوضح أنّ تعدّد اللجان، وفق ما ورد في الأنظمة، قد يتسبب باضطرابات إدارية في العلاقة التنظيمية بين فرق السلامة ولجان السلامة والإدارة العليا في المنشأة.
وأكد المشاركون في الجلسة ضرورة إنفاذ هذه الأنظمة على أرض الواقع وإلزام جميع أصحاب العمل بتطبيقها.