المرصد العمّالي الأردني - رزان المومني
يؤثر استمرار العمل بقرار تخفيض بدل الخدمة في القطاع السياحي والفندقي إلى 5 بالمئة سلباً على العاملين في القطاع؛ ما جعل الكثير منهم ينسحبون من العمل إما إلى قطاعات أخرى أو إلى دول أخرى.
القرار الذي اتخذته الحكومة إبان جائحة كورونا، أدى إلى تراجع إنتاجية العامل وعزوفه عن العمل بذات الحماس والمهارة، نتيجة تراجع المردود المادي، إلى جانب إرهاقه مادياً ونفسياً نتيجة اقتطاع جزء من الراتب الشهري.
ويؤكد عاملون في القطاع السياحي لـ"المرصد العمّالي الأردني" أن القرار أثر على رواتبهم وإنتاجيتهم، ودفعهم إلى الانسحاب من العمل والتوجه إلى العمل في قطاعات أخرى أو في الخارج.
تخفيض الراتب جعله ينسحب ويهاجر
قبل أن ينتقل الشاب (ق. م) للعمل في أحد الفنادق في الخليج، كان يعمل في قسم الاستقبال في مطعم سياحي بمحافظة جرش، ولمدة ثلاثة أعوام.
يقول لـ"المرصد العمّالي الأردني"، إن أحد الأسباب التي دفعته لترك العمل، هو تخفيض نسبة بدل الخدمة التي كان يحصل عليها، "كنت أحصّل بدل خدمة ما يُقارب 100 دينار، ومع تخفيض النسبة لم أستطع الإيفاء بالتزامات أسرتي، فقررت ترك العمل والاقتراض لتأمين تكاليف السفر للعمل في الخليج".
وكان يحصل على راتب شهري مقداره 500 ديناراً وهو يشمل بدل الخدمة أيضاً، "كنت أعمل من التاسعة صباحا وحتى الخامسة مساءاً، وفي أيام الصيف ومهرجان جرش أعمل لوقت متأخر، إلا أن الأجر الذي كنت أحصل عليه لا يتناسب والجهد المبذول".
وكان لدى (ق. م) اشتراك في الضمان الاجتماعي من عمله في المطعم، وغير مؤمّن صحيا، "رغم أن راتبي الشهري قلّ نتيجة القرار، فقد بقي اقتطاع الضمان الاجتماعي كما هو، غير أنني كنت أتعالج على حسابي الخاص، حتى وإن كانت زيارتي للمستشفى سببها الإرهاق وضغط العمل".
إبقاء القرار يؤثر على الإنتاجية
يعمل (م. أ) منذ تسعة أعوام طاهيا في أحد فنادق العاصمة عمان، ويحصل على راتب شهري مقداره 280 ديناراً، وبدل خدمة يصل إلى 100 دينار خلال الشهر.
يقول لـ"المرصد العمّالي الأردني"، إنه كان يعتمد على بدل الخدمة لتغطية مصاريفه الشهرية، "كثير من الزملاء يعتمدون على الأجر المحصّل من بدل الخدمة وبخاصة المتزوجون، فبعضهم لديه أقساط بنكية والتزامات أسرية".
ويعمل (م. أ) من 9 إلى 13 ساعة يومياً، "ساعات العمل الطويلة والمجهدة وتخفيض بدل الخدمة لنا، أثّر بشكل سلبي على الإنتاجية فعملنا يحتاج إلى أن نكون بنفسية جيّدة كي نعمل بشكل جيّد ونقدم خدمة طعام جيّدة للناس".
52 ألف عامل تأثرت رواتبهم
وفق ورشة العمل الاقتصادية الوطنية التي عقدت في شباط عام 2020، فإن قطاع السياحة يسهم بشكل مباشر وغير مباشر، بنسبة 16.3 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، فيما يجاوز عدد العاملين في القطاع 55 ألفاً.
بينما يقول رئيس النقابة العامة للعاملين في الخدمات العامة والمهن الحرّة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات خالد أبو مرجوب، لـ"المرصد العمّالي الأردني" إن العاملين في القطاع السياحي الذين يستفيدون من بدل الخدمات، يُقدر عددهم ب 52 ألف عامل.
ويشير إلى أن تخفيض النسبة والاستمرار بقرار التخفيض يؤثر سلباً على الحقوق العمّالية لهؤلاء العاملين، وبشكل مباشر يؤثر على المداخيل والرواتب وبخاصة الخاضعة للضمان الاجتماعي.
ويبيّن بأن هؤلاء العاملين تختلف ظروف عملهم باختلاف المجالات التي يعملون فيها ما بين مطاعم وفنادق واستراحات، ولكل مجال ظروف عمله الخاصة.
ويؤكد أن القرار الذي اتخذته الحكومة خلال جائحة كورونا، وقضى بتخفيض بدل الخدمة إلى 5 بالمئة بعد أن كان 10 بالمئة، دعما للقطاع السياحي، لم يعد هناك مبرر لاستمرار العمل به.
ويلفت مرجوب إلى أن النقابة ستستمر في المطالبة بإرجاع النسبة إلى 10 بالمئة، "النقابة تنتظر أن يقوم مجلس النواب بتوجيه سؤال للحكومة لمعرفة أسباب الاستمرار في تخفيض النسبة إلى 5 بالمئة رغم تعافي قطاع السياحة بشكل كامل".
العاملون عنصر أصيل في صناعة السياحة
بينما، يقول الخبير الاقتصادي حسام عايش، لـ"المرصد العمّالي الأردني"، إن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الأردنية إبان جائحة كورونا، بعضها كان سليماً وبعضها مبالغ فيه وبعضها لم يكن له ضرورة، ومع ذلك نتحدث عن أوضاع طارئة استوجبت اتخاذ قرارات مستعجلة.
ويوضح أن قطاع السياحة عاد إلى مستوياته ما قبل الجائحة وتخطاها وكل الجهات الرسمية تتحدث عن تعافي القطاع، وبالتالي يجب إعادة النسبة إلى 10 بالمئة، وزيادتها يجب أن تأخذها الحكومة بالاعتبار، ليحصل العاملون على أحد حقوقهم التي كانوا يتمتعون بها.
ويرى عايش أنه كلما كان العاملون في القطاع السياحي راضين عن الدخل الذي يحصّلونه، كان هناك استقرار في القطاع والجهة التي يعملون فيها، واندفعوا لتقديم المزيد من الخدمات وتجويدها، "قطاع السياحة جزء كبير منه التسويق، هو انطباعيّ، وكيفية ردود فعل مقدمي الخدمات السياحية ومنتجيها هو عنصر ذو أهمية قصوى".
ويشير إلى أن العاملين هم جزء أصيل من العملية السياحية وصناعة السياحة وعلى هذا الأساس كلما كانت أحوالهم المعيشية ودخلهم يتحسن، كلما كانت الخدمات السياحية المقدمة أفضل.
من جانبها، رفضت وزارة السياحة والآثار الإجابة على أسئلة "المرصد العمّالي الأردني"، حول استمرار الوزارة بقرار تخفيض نسبة بدل الخدمات، وما إذا كانت هناك نية لإرجاع النسبة إلى 10 بالمئة، أو إذا كان لديها سيناريوهات لإعادة توزيع بدل الخدمات على العاملين في القطاع السياحي.
ويشير تقرير صادر عن "المرصد العمّالي الأردني" العام الماضي، إلى أن قطاع السياحة يعاني من قلة عدد الموظفين، ويحتاج الخروج من الترويج التقليدي إلى الترويج الذكي، وتطوير المنظومة السياحية، وكذلك مراجعة رواتب وأجور العاملين في السياحة، لتصبح رواتب وأجورا مجزية.
ويفيد التقرير بأن القطاع السياحي ليس فقط ما نحصل عليه من إيرادات، وإنما ما يضيفه إلى الاقتصاد، وعندما ينتعش القطاع يؤثر على القطاعات الأخرى، وبالتالي على العاملين فيها، والعكس صحيح، وبالتالي يتأثر معدل البطالة والفقر في هذه العملية.
التقرير الذي جاء بعنوان "عجلون وجرش.. مزايا سياحية لا تُستثمر لتشغيل الشباب"، يشدد على أهمية التفكير بصناعة السياحة، وأن تكون "عملية سياحة حقيقية" تستفيد منها القطاعات الأخرى، لخدمة الناس وتوفير فرص عمل لهم، وإعداد خطط ومشاريع للوصول إلى الفائدة المرجوة من السياحة.