المرصد العمالي الأردني -
طالب المرصد العمالي الأردني بضرورة إعادة النظر في السياسات الاقتصادية "غير العادلة" التي طُبقت وما تزال تُطبق في الأردن منذ عقود، وأدت إلى زيادة معدلات الفقر، للحد من ظاهرة عمالة الأطفال.
وبين المرصد أن جميع الجهود المبذولة للحد من ظاهرة عمالة الأطفال في الأردن لم تستهدف السبب الحقيقي وراءها، وهو الفقر، إلى جانب استمرار الحكومة في تطبيق السياسات ذاتها التي أدت إلى زيادة معدلات الفقر.
جاء ذلك في ورقة موقف متخصصة أصدرها المرصد العمالي الأردني التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، اليوم الأحد، بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة عمالة الأطفال الذي يُصادف 12 حزيران من كل عام.
وأوضح المرصد أن معظم الأطفال العاملين ينتمون إلى أسر فقيرة، تدفعها الحاجة إلى إخراج أطفالها من مقاعد الدراسة أو التغاضي عن تسربهم من المدارس بهدف المساهمة في توفير مداخيل إضافية تساعدها على تلبية الاحتياجات الأساسية.
وعلى الرغم من أن قانون العمل الأردني يحظر تشغيل من هم تحت سن الـ16 عاما بأي صورة من الصور، ويحظر أيضا تشغيل الأطفال بين سن 16 – 18 عاما في الأعمال الخطرة، إلا أن الواقع يقول غير ذلك، وفق المرصد.
إذ أن أحدث الإحصاءات المتوافرة في الأردن، وهي عام 2016 التي أعدتها منظمة العمل الدولية بالتعاون مع دائرة الإحصاءات العامة ووزارة العمل، تُشير إلى أن أكثر من 75 ألف طفل في الأردن منخرطون في مجال عمالة الأطفال، منهم 45 ألفا يعملون في مهن خطرة.
وتوقع المرصد أن يكون هذا العدد قد زاد نتيجة الارتفاعات المتتالية في معدلات الفقر وأثرت بشكل ملحوظ على الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع، ما أدى إلى دخول المزيد من الأطفال إلى سوق العمل. هذا بالإضافة الى استمرار ضعف بيئة التعليم المدرسي في المدار الحكومية.
ويعود وصول أعداد عمالة الأطفال في الأردن لتلك المستويات، وفق المرصد، إلى عدة أسباب، أبرزها: تفاقم التفاوت الاجتماعي وعدم المساواة، وتراجع مؤشرات العدالة الاجتماعية التي نجمت بشكل أساس عن تنفيذ سياسات اقتصادية لم تأخذ بالاعتبار النتائج والآثار الاجتماعية لهذه السياسات.
وأشار المرصد إلى أن تلك السياسات ركزت خلال العقود الماضية على تحرير الاقتصاد الوطني، والإمعان في تنفيذ سياسات مالية وضريبية غير عادلة، حيث التوسع في فرض الضرائب غير المباشرة التي أرهقت القوة الشرائية للعديد من الأسر، إلى جانب تدني مستويات الأجور التي تلعب دورا أساسيا في زيادة عمالة الأطفال، وبقائها على حالها مقابل الارتفاعات التي تطرأ بين فترة وأخرى على أسعار السلع والخدمات الأساسية.
وأدى ذلك، وفق المرصد، إلى تراجع مستويات المعيشة لقطاعات واسعة من الأسر الأردنية، برزت مؤشراتها بشكل واضح في ازدياد رقعة الفقراء، فالمؤشرات الرسمية ذات العلاقة تُفيد بأن نسبة الفقر في الأردن ارتفعت من (13.3) بالمئة في عام 2008 إلى (14.4) بالمئة في عام 2010، والى 15.5 بالمئة في عام 2017 ثم وصل إلى (24) بالمئة في العام الماضي، وفق تقديرات الحكومة.
وأوصى المرصد بضرورة إعادة النظر بمنظومة الحماية الاجتماعية بحيث تصبح عادلة وتوفر الحياة الكريمة للجميع، وبخاصة الفقراء، وإعادة النظر بمستويات الأجور باتجاه رفعها بما يتناسب مع المستوى المعيشي في الأردن.
وأوصى أيضا بتطوير العملية التربوية والتعليمية خلال المرحلة الأساسية للحد من عمليات تسرب الأطفال من مدارسهم.
وحض المرصد على تشديد الرقابة من قبل الجهات الرسمية المعنية على الأماكن التي تتركز فيها عمالة الأطفال وبخاصة الخطرة، وتفعيل تطبيق القوانين والأنظمة والتعليمات التي تحظر تشغيل الأطفال، ووضع عقوبات رادعة بحق المخالفين وعدم الاكتفاء بدفع غرامات بسيطة، إلى جانب تفعيل الحملات التوعوية حول الآثار السلبية الناجمة عن عمل الأطفال.