المرصد العمالي الأردني – أحمد الملكاوي
يأتي الثامن من آذار هذا العام مختلفاً بعض الشيء بالنسبة للمرأة الأردنية، وبخاصة في أشهر الأخيرة التي شهدت تعديلات تشريعية وتوجهات تخص المرأة في عالم العمل، الذي ما تزال معيقات عمل النساء تملؤه، وتحيط ببيئاته وأماكنه المختلفة.
ومن أبرز المستجدات التي شهدتها المملكة فيما يخص المرأة وعلاقتها بعالم العمل، هو إقرار مجلس النواب إضافة مصطلح التحرش والعقوبة عليه في قانون العمل، التي شهدت جدلاً في لجنة العمل النيابية ونقاشاً حاداً تحت القبة بين مؤيد ومعارض، وبالرغم من ذلك التطور، إلاّ أنّ منظمات ذات اختصاص تعتبره منقوصاً.
كذلك، فإنّ مشروع قانون الضمان الاجتماعي الذي أقره مجلس الأعيان أخيرا، خفّض شرط فترة استفادة المرأة من تأمين الأمومة، واعتمد أن يكون لديها 6 اشتراكات متقطعة أو متواصلة في آخر 12 شهرا تسبق إجازة الأمومة.
يضاف إلى ذلك كله، إعلان وزارة العمل أواخر العام الماضي توجهها إلى المصادقة على اتفاقية العمل الدولية رقم 190 بشأن القضاء على العنف والتحرش في عالم العمل، بعد مطالبات من منظمات مجتمع مدني ذات علاقة بذلك.
في هذا السياق، تقول الباحثة في قضايا المرأة الباحثة بقضايا المرأة العاملة علا بدر، إنّ من أكثر المشكلات التي ستواجهها النساء حتى بعد إقرار القانون وتوقيع اتفاقية 190، هي إثبات وقائع التحرش، ذلك لأنّها صعبة الاثبات وتحتاج توفير آليات مساعدة كالكاميرات في أماكن العمل لتأكيد وبيان تعرض المرأة للعنف، وقد وجب نشر التوعية المجتمعية حيال التحرش ومخاطره وآثاره وأهمية التبليغ عنه للجهات المختصة.
وتوضح بدر، الباحثة في مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، لـ"المرصد العمالي الأردني" أنّ تطوير التشريع بحاجة إلى زيادة أعداد مفتشي العمل بشكل عام، وتفعيل جولات التفتيش الليلي، فمثلاً لا يصح المطالبة بالسماح للمرأة بالعمل ليلاً بدون إيجاد منظومة تفتيش عمل ليلية لضمان حمايتها، بالإضافة إلى زيادة أعداد المفتشات من النساء، لأنّ المرأة يصعب عليها التحدث في مشكلات كالتحرش والعنف الجنسي للمفتشين الرجال.
كذلك تؤشر بدر إلى أنّ مؤشرات التنافسية العالمية أظهرت تراجع الأردن 7 مراتب، جراء توسع فجوة النوع الاجتماعي، وبالرغم من الجهود والاستراتيجيات إلّا انّ التراجع كان واضحاً بسبب ضعف مشاركة النساء الاقتصادية وتضاؤل فرص عمل النساء.
ودعت بدر، قبل التقدم في التشريعات، إلى إيجاد فرص عمل توفر شروط العمل اللائق التي ستزيد من انخراط المرأة في سوق العمل، فدراسات عدة كشفت وجود العنف النفسي والجسدي والجنسي ضد المرأة في العمل بالإضافة عدم توفر أدوات السلامة.
من جهتها تقول الباحثة في قضايا المرأة زهور غرايبة إن الاعتراف بالحقوق يؤسس لعمل قانوني وحقوقي يضمن حق المرأة بشكل عام، إلّا أنّ إدراج مصطلح "التحرش الجنسي" وحده غير كافٍ ويحتاج إلى إصدار أنظمة وتعليمات تضمن معاقبة المتحرش وكيفية الإبلاغ عنه وضمان السرية والخصوصية للضحية.
وتوضح الغرايبة لـ"المرصد العمالي الأردني" أنّ الحق لا يتوقف عند قرار أو سن تشريع في القانون، بل يمتد إلى تنفيذ القوانين التي تكفل للمرأة مشاركتها الاقتصادية من خلال آليات تنفيذ حقيقية وضمانات قانونية تكفل تطبيقها على أرض الواقع.
وتؤشر إلى أنه يجب مواءمة التشريعات الخاصة بالمرأة لتتفق مع اتفاقية 190، في حال لم يكن هناك تحفظ على بنود محددة.
وبحسب حديثها فإنّ المطلوب اليوم لضمان زيادة مشاركة المرأة الاقتصادية، رفع توعية المرأة نفسها بحقوقها الاقتصادية والنصوص التي تكفل حماياتها الاجتماعية، فضلاً عن تكثيف الحملات الإعلامية لإبراز تطور سلسلة حقوق المرأة التاريخية والتقدم الذي تم إنجازه للحصول على قراءة للواقع الحالي.
وتطالب بزيادة برامج التشغيل للمرأة والحد من تغول مؤسسات الإقراض وزيادة المنح لفتح مشاريع صغيرة توصلنا لتمكين اقتصادي للمرأة الأردنية.
بدوره، يدعو المرصد العمالي الأردني إلى تمكين جميع النساء العاملات في الأردن في القطاعات المنظمة وغير المنظمة من التمتع بالحقوق والمبادىء الأساسية في العمل ومعايير العمل اللائق بمختلف أبعادها.
ويوضح المرصد، التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية في "ورقة موقف" أصدرها بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، ثبات معدل مشاركة المرأة الاقتصادية المنقح وبخاصة بعد إصدار أرقام الربع الرابع من عام 2022، حيث بلغت نسبة مشاركة المرأة الاقتصادية 14%، مقابل 53.6% للذكور.
ووفقا للمرصد، ما يزال هناك قصور في وجود سياسات داخل منشآت الأعمال للتبليغ عن حالات التحرش، وقد عالجها مجلس النواب عند إقراره لمشروع القانون المعدل لقانون العمل أخيراً.
ويرى المرصد أنّ إدراج مشكلة التحرش الجنسي في قانون العمل اقتصرت على صاحب العمل أو من يمثله فقط، بينما من الممكن أن يقع التحرش الجنسي من زملاء أو مراجعين للمنشأة، وقد ثبت ذلك في دراسة "سلامة المرأة في بيئة العمل" التي أظهرت أنّ العنف بمختلف أشكاله، ومن ضمنه "التحرش الجنسي" يقع على المرأة بنسبة (37) بالمئة من المراجعين والزوار، و(13) بالمئة من الزملاء في العمل.
وأقر مجلس النواب أخيراً قانون معدلاً لقانون العمل، أدرج فيه مصطلح التحرش كحالة يحق للعاملة أو العامل حين تعرضه لها، بترك مكان العمل دون إشعار إذا ما جاء من قبل صاحب العمل أو من يمثله، ومعاقبة القائم بالتحرش الجنسي بغرامة تتراوح بين 2000 دينار و3000 دينار.
كما أعلنت وزارة العمل في تشرين ثاني الماضي توجهها للمصادقة على اتفاقية 190 للحد من العنف والتحرش في بيئة العمل، بعد عرض الاتفاقية على اللجنة الثلاثية لشؤون العمل في حزيران من عام 2022.