الرئيسية > عمال "الموانئ".. غياب وسائل الحماية يهدد حياتهم

عمال "الموانئ".. غياب وسائل الحماية يهدد حياتهم

الثلاثاء, 31 آب 2021
النشرة الالكترونية
Phenix Center
عمال
المرصد العمالي الأردني – مراد كتكت
لا تزال قضية العاملين في الموانئ بمحافظة العقبة تراوح مكانها، فهم منذ سنوات يعانون من ضعف تطبيق شروط الصحة والسلامة المهنية في بيئة عملهم، بالرغم من أنها مصنفة من قبل المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي ضمن المهن الخطرة.

ووفق تصريحات بعض العاملين في شركة العقبة لإدارة وتشغيل الموانئ إلى "المرصد العمالي الأردني" فإن تطبيق شروط الصحة والسلامة المهنية في الشركة "شبه معدوم"، ولا تتواءم مع المتطلبات الأساسية الواجب توافرها في بيئة عمل مثل الموانئ والأرصفة الخاصة بالتحميل والتنزيل التي غالباً ما يتعاملون فيها مع مواد خطرة.

وينقسم العاملون في مؤسسة الموانئ إلى عمال مياومة، وعمال فرق، ويتم توزيعهم كعمال تفريغ وتحميل، وعمال روافع "آليات"، وعمال فرق "تحميل وتفريغ السيارات"، وعمال عنابر البواخر يعملون بالتنزيل داخل البواخر.

حميد أبو العز، أحد العاملين الذين يعملون في التحميل والتنزيل في البواخر بالشركة، يقول إن بيئة عملهم خطرة للغاية، فهم دائماً معرضون للإصابة وسط غياب وسائل حماية تحميهم.

ويوضح أبو العز لـ"المرصد العمالي" أنهم يفتقرون منذ سنوات لأدوات السلامة الشخصية مثل القفازات، والجاكيت الواقي، والخوذة، وهذا يتنافى مع طبيعة عملهم الخطرة، مشيراً إلى ان بعض الحمولات التي يتعاملون معها عن طريق الروافع تصل أوزانها إلى نحو 50 طناً.

كما أن العاملين في قسم الفوسفات يتعرضون للعديد من المخاطر الصحية مثل تعرضهم لغازات سامة ومواد كيماوية مثل الفوسفات والأمونيا التي قد تسبب لهم أمراضاً صدرية على المدى البعيد، وفق أبو العز.

ويؤكد انهم يتعرضون أسبوعياً لإصابة عمل، وأن هناك بعض الإصابات قد تؤدي إلى الوفاة، وبين أنه رغم ذلك لا يتم اجراء فحوصات طبية دورية لهم.

ويشير أبو العز إلى أن هناك بدلات لا يحصلون عليها وعلى رأسها بدل الخطورة البالغ قيمتها 45 ديناراً، بالرغم من أنهم يعملون في المؤسسة منذ عام 2013، ناهيك عن البدلات الأخرى مثل بدل الانتاج وبدل النوبات.

وكان أحد عمال الشركة توفي الأسبوع الماضي إثر سقوط أجسام صلبة عليه، خلال عمليات المناولة.

وأفاد العاملون المتواجدون في المكان حينها، أن عملية المناولة التي كان يقوم بها العامل أدت إلى سقوط مواسير ربط ثقيلة عليه وأودت بحياته على الفور، مشيرين إلى أن توفر وسائل حماية مثل الخوذة والجاكيت الواقي كان يمكن تحميه وتحول دون وفاته.

خبير الصحة والسلامة المهنية أسامة الشديفات، يقول إن عدم توفر وسائل حماية لهؤلاء العمال يعتبر تهديدا لحياتهم، فالبيئة التي يعملون فيها تعد من أخطر المهن.

ويوضح الشديفات لـ"المرصد العمالي" أنه يجب تشكيل لجنة خاصة لدراسة الثغرات الموجودة في قطاع الموانئ وبخاصة ما يتعلق بمعايير الصحة والسلامة المهنية، خصوصاً بعد وفاة العامل.

ويشدد على ضرورة توفير المستلزمات الوقائية كافة للعمال مثل خوذة الرأس والقفازات والأقنعة الواقية من الغازات، لتفادي أي أذى قد يتعرض له العامل.

أما بالنسبة لخطر الغازات السامة التي يتعرض لها بعض هؤلاء العاملين مثل الفوسفات والأمونيا، يقول الدكتور محمد الطراونة، أخصائي الأمراض الصدرية والتنفسية، إن العاملين في هذا القطاع مهددون بأمراض تنفسية قد تكون خطيرة، نتيجة استنشاقهم لمثل هذه الغازات.

ويوضح الطراونة لـ"المرصد العمالي" أن التعرض لهذه الغازات يؤدي إلى "الربو والحساسية"، إضافة إلى تعرضهم لانسداد في القصبات الهوائية، والتهابات رئوية على المدى البعيد.

ويرى الطراونة أن التعرض لهذه الغازات قد يزيد من مضاعفات أعراض فيروس كورونا، لأن الفيروس يهاجم الجهاز التنفسي، إضافة إلى إحداث حالة من الاختناق أو هجمات ربو حادة، ما قد يؤدي للوفاة.

ودعا الطراونة إلى ضرورة توفير الوسائل الحمائية اللازمة لهؤلاء العمال، ومتابعة ومراقبة كميات انبعاث هذه الغازات، واجراء فحوصات دورية للعاملين من قبل أطباء مختصين.

وتنص الفقرة (أ) من المادة (2) من تعليمات السلامة والصحة المهنية الصادرة عن المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، على أنه "تلتزم المنشأة بتوفير شروط ومعايير السلامة والصحة المهنية وأدواتها في مواقع العمل".

كذلك تنص الفقرة (أ) من المادة (3) من تعليمات حماية العاملين والمؤسسات من مخاطر بيئة العمل لسنة 1998، الصادرة بمقتضى أحكام المادة 79 من قانون العمل رقم 8 لعام 1996، على أنه "يزود العامل بخوذة خاصة لوقاية الرأس من خطر سقوط الأشياء والاصطدام بها، وذلك في أعمال تشييد المباني أو الهياكل على اختلاف أنواعها، أعمال الحفريات، تشييد المطارات، الاحواض، الأرصفة، والموانئ... وما شابهها".

كما نصت المادة (6) من نفس التعليمات على أنه "يزود العامل الذي يعمل في أجواء ملوثة بالغازات أو الأغبرة أو الأبخرة بتركيز أعلى من الحدود المعتمدة، بكمامات قطنية أو فلترية تغطي الفم والأنف وأقنعة واقية للوجه بدون اكسجين أو أقنعة واقية للوجه مزودة بالاكسجين أو أجهزة تنفس مزودة بالاكسجين".

نائب رئيس النقابة العامة للعاملين في الموانئ البحرية والتخليص، أحمد منصور، يقول إنهم اجتمعوا مع المدير العام للشركة خالد المعايطة، بعد وفاة العامل، وسيتم تشكيل لجنة خاصة بالتعاون مع قسم الصحة والسلامة المهنية في الشركة لدراسة القطاع من أجل تعزيز وسائل الوقاية للعمال.

ويوضح منصور، في تصريح إلى "المرصد العمالي"، أن النقابة مدركة لحجم الضعف في تطبيق معايير الصحة والسلامة المهنية في موانئ العقبة، وأكد أنهم سيتخذون اجراءات تصحيحية لتفادي أي إصابات عمل وعدم تكرار حادثة الوفاة الأخيرة.

ويشير إلى أن النقابة تواصلت مع الاتحاد الدولي لعمال النقل (ITF) في بريطانيا، للتعاون معه والاستفادة من خبراته، وأكد أن الاتحاد أبدى استعداده لمساعدة النقابة في تطوير منظومة للصحة والسلامة المهنية في موانئ العقبة.

ويصل عدد العاملين في شركة العقبة لإدارة وتشغيل الموانئ إلى أكثر من 2500 عامل، في حين أن عدد العاملين في جميع موانئ العقبة يصل إلى نحو 3600 عامل، منهم نسبة قليلة عمال غير أردنيين يحملون الجنسيتين المصرية والباكستانية، وفق منصور.

وأوصى تقرير أجراه مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية عام 2012، بعنوان "العاملون في مؤسسة الموانئ.. انتهاكات عمالية وأزمة ثقة مع الإدارة"، بضرورة تحسين مستوى الصحة والسلامة المهنية في مختلف أرصفة ميناء العقبة بما يتواءم مع القوانين والأنظمة ذات العلاقة بهدف حماية العاملين فيها.

وشدد التقرير على تطبيق معايير وشروط العمل اللائق على جميع العاملين في الموانئ.

كذلك أوصت ورقة تقدير موقف أجراها المركز بمناسبة اليوم العالمي للسلامة والصحة المهنية الذي يصادف يوم 28 نيسان من كل عام، بضرورة تكثيف التنسيق بين الجهات الرسمية المنوط بها ضمان مستوى عال للصحة والسلامة المهنية والمتمثلة في وزارتي العمل والصحة والمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي والمديرية العامة للدفـاع المدني، إلى جانب تفعيل جهود التفتيش التي تقـوم بها هـذه الجهات على منشآت الأعمال.

كما أوصت بضرورة التزام المنشآت وأصحاب الأعمال بتوفير الاحتياطات والتدابير اللازمة لحماية العاملين والعاملات مـن التعـرض للمخاطر التي قد تنتج فــي مكان العمل أيا كان شكلها.