الرئيسية > خبراء: فجوات كبيرة في منظومات الحماية الاجتماعية في المنطقة العربية

خبراء: فجوات كبيرة في منظومات الحماية الاجتماعية في المنطقة العربية

الاربعاء, 26 أيار 2021
النشرة الالكترونية
Phenix Center
خبراء: فجوات كبيرة في منظومات الحماية الاجتماعية في المنطقة العربية

أجمع خبراء من المنطقة العربية على أن تحديات العمالة غير المنظمة تفاقمت في ظل انتشار جائحة كورونا، حيث أن تدني الأجور دفع العاملين والعاملات باتجاه العمل بشكل غير منظم. 

وأشاروا إلى ضرورة تضمين الحمايات الاجتماعية باقتصادات دول المنطقة العربية، وذلك بعدما كشفت جائحة كورونا عن قصور واضح في منظومة الحمايات الاجتماعية، وخاصة الحمايات الخاصة بالفئات الأكثر هشاشة، ومنها العمالة غير المنظمة.

جاء ذلك في الجلسة التي عقدها مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية في اطار أنشطة الملتقى العربي للحماية الاجتماعية، أدارتها، دعاء العجارمة، مديرة المشاريع في المركز، يوم الاثنين، تحت عنوان "سياسات الاستجابة الحمائية للعمالة غير المنظمة خلال جائحة كورونا في المنطقة العربية".

وتأتي هذه الجلسة كجزء من مشروع بحثي حول "جائحة كوفيد-19 والحماية الاجتماعية في المنطقة العربية" أطلقته مبادرة الاصلاح العربي بالشراكة مع مجموعة من المراكز البحثية في العالم العربي ومن ضمنها مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية. 

وخلال الجلسة، قالت الدكتورة هانيا شلقامي، من مركز الدراسات الاجتماعية في الجامعة الأميركية بالقاهرة، إن جائحة كورنا كشفت عن قصور واضح في تضمين الحمايات الاجتماعية في سياسات الدول في المنطقة العربية. 

وأشارت أيضا، إلى أن فعالية الحمايات الاجتماعية تقاس بقدرتها على وقاية وحماية الناس من المخاطر المحتملة مستقبلا، لافتة إلى ضرورة أن تكون الحمايات الاجتماعية متجذرة في الاقتصاد السياسي لكل بلد. 

وحول التجربة التونسية، لفت مهدي العش، باحث في القانون ومختصّ في القضايا الحقوقية في تونس، إلى أن معظم العاملين بشكل غير منظم محرومين من الحمايات الاجتماعية، ومن جميع أشكال تنظيم العمل مثل العقود التي تكفل حقوقهم.

وبيّن العش خلال حديثه، أن 45% من المشتغلين في تونس هم من العمالة غير المنظمة، ثلثهم من النساء، ويرجع سبب توسع العمل غير المنظم في المنطقة العربية يعود إلى الإجراءات البيروقراطية في دول المنطقة.. موضحا أن ارتفاع تكلفة الانخراط في الصناديق الاجتماعية والمساهمات الاجتماعية؛ هي من جعلت الناس يتوجهون للعمل في الاقتصاد غير المنظم. 

وأضاف أن محاولات استقطاب الاستثمارات الأجنبية من خلال تخفيض أجور العمال، جعل العاملين والعاملات يفضلون الحصول على الدخل المباشر من دون المساهمة في الصناديق الاجتماعية، الأمر الذي وسع من قاعدة العمالة غير المنظمة في بعض بلدان المنطقة العربية. 

وحول الانتقال من الاقتصاد غير المنظم إلى المنظم، يرى العش أنه يجب أن لا تكون سياسات الانتقال سببا في تشكيل المزيد من اللامساواة والتفاوت الاجتماعي وتقليص الحمايات الاجتماعية.

ونوه الى أن إدماج العمالة غير المنظمة في الاقتصاد المنظم يجب أن يكون من خلال تسهيل الإجراءات ورفع القيود من أجل تحقيق المزيد من الإنتاجية، مستدركا حديثه بضرورة "أن تكون هناك مقاربة اجتماعية لا تلغي الجانب الاقتصادي وأن يكون الهدف الرئيسي هو تحقيق تغطية اجتماعية للجميع دون استثناء". 

من جانب آخر، قالت فرح قبيسي، باحثة مستقلة في مجال العدالة الجندرية في لبنان، إن النساء والعمالة المهاجرة "دفعوا ثمن الفاتورة الاجتماعية لجائحة كورنا"، وأن الجائحة كشفت عن اللاعدالة الاجتماعية والتمييز الحاصل على النساء والمهاجرين.  

وأوضحت أن إجراءات الإغلاق في المنطقة كان لها كلفة عالية على العمال المهاجرين واللاجئات مقارنة بغيرهن من الفئات العمالية بسبب هشاشة وضعهم القانوني واستثنائهم من أنظمة الحماية الاجتماعية والصحية.

وأكدت أن أغلب العاملين في المنطقة العربية بشكل غير منظم هم من النساء وتقدر نسبتهم ب 62%، وذلك بسبب الصورة النمطية السائدة حول عمل النساء والمرتبط غالبا بتقديم الرعاية والخدمات مثل العمل المنزلي والتعليم، وغيرها من القطاعات المتاح فيها العمل بشكل غير منظم. 

كما بينت أن جائحة كورونا أدت الى انخفاض حاد في الدخل بالنسبة للنساء العاملات وخاصة للأسر التي تعيلها هؤلاء النساء، وزيادة عبء الرعاية غير مدفوع الأجر ما أدى الى زيادة الضغوطات النفسية والجسدية على العاملات.

وأضافت قبيسي أن الجائحة أدت أيضاً الى انسحاب الكثير من النساء سوق العمل، وعودة بعضهن الى أعمالهن في ظل ظروف عمل غير لائقة وأجور متدينة. 

وحذرت من الأثر السلبي للجائحة على المشاركة الاقتصادية للنساء على المدى البعيد، إذا ما تم إعادة النظر في بنية الأنظمة الاقتصادية.

بدوره، قال أحمد عوض، مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية إنه لا يوجد في الأردن إحصائيات تفصيلية حديثة ودقيقة حول العمالة غير المنظمة، والرقم المتاح يشير الى أن 48 بالمئة من القوى العاملة في الأردن غير منظمة، وأن ما يقارب 25% من الاقتصاد الأردني هو اقتصاد غير منظم. 

ولفت إلى أن العاملين بشكل غير منظم متعددين فمنهم الذين يعملون بمنشآت غير منظمة (ليس لديها أي شكل من أشكال التوثيق)، أو العمال الذين يعملون في منشآت منظمة لكنهم لا يتمتعون بأي شكل من أشكال الحماية الاجتماعية، أو العاملون والعاملات لحسابهم الخاص. 

وحول تأثيرات جائحة كورونا على العمالة غير المنظمة في الأردن، أشار عوض إلى أن سياسات الاستجابة الحكومية في بداية الجائحة كانت ضعيفة باتجاه جميع القطاعات المنظمة وغير المنظمة، ومن ثم  بدأت سياسات الاستجابة بالتوجه لتحسين ظروف العاملين المنظمين من خلال توفير برامج الحماية الاجتماعية ودعم الأجور. 

ويضيف عوض، أن العاملين غير المنظمين مستثنيين من أطر الحماية الاجتماعية، وتم تقديم دعم مالي بسيط بجزء منهم ولفترات زمنية قصيرة، مبينا أن هذا الدعم كان من صندوق همة وطن وليس دعما حكوميا. 

وأوصى عوض بتطوير آلية بديلة لنموذج الاشتراك الاختياري في الضمان الاجتماعي، بحيث لا يتحمل العاملون لحسابهم الخاص أو العاملون بالأعمال اليومية والحرة أعباء مالية كبيرة من أجورهم بدل الاشتراك في الضمان الاجتماعي.

وتابع عوض أن السياسات الحكومية المتعاقبة شجعت العمال للذهاب الى العمل غير المنظم، مثل العمل في المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر، وذلك دون أن توفر نظم حمائية اجتماعية تتمتع بالكفاءة العالية.