الرئيسية > المواصلات العامّة.. سبباً لعزوف النساء عن العمل

المواصلات العامّة.. سبباً لعزوف النساء عن العمل

الاثنين, 10 آب 2020
النشرة الالكترونية
Phenix Center
المواصلات العامّة.. سبباً لعزوف النساء عن العمل
المرصد العمّالي الأردني_ نديم عبد الصمد 
تراكُم أعوام من ضعف الإدارة لملف المواصلات العامّة في الأردن كان سبباً إضافياً ينضم إلى أسباب عديدة أثّرت على عزوف الشابات والشباب عن العمل، خاصة بين بعض مستخدمي وسائط النقل العام من النساء والأشخاص ذوي الإعاقة. 
سجّلت دائرة الإحصاءات العامّة ارتفاعاً في أرقام البطالة بالربع الأول من عام 2020 وبنسب وصلت إلى 19.3 بالمئة، مقارنة بـ 18.6 بالمئة نهاية عام 2019، وإلى ذلك، تابع "المرصد العمّالي" تأثير كفاءة نظام النقل العام في المحافظات على قدرة الشباب والشابات على الالتزام بوظائف خارج محافظاتهم، وتأثيرها على الالتحاق بسوق العمل. 
تروي جواهر كعابنة (33 عاماً) معاناتها في إيجاد مواصلات عامّة تقلّها من منزلها في حي الدير الكائن في منطقة ماعين جنوب محافظة مآدبا إلى مكان عملها السابق في عمّان، تقول كعابنة: "الحي تبعنا بعيد عن الشارع الرئيسي 4 كم ومش مخدوم بالمواصلات، إذا بدي اطلع من البيت وانتظر بالشارع الرئيسي، بدي أظل واقفة تحت الشمس ساعة بين ما يجي باص أو سرفيس".
يصل عدد سكان قضاء ماعين إلى 10,020 نسمة، منهم 5,240 ذكورا، و4,789 إناثا، أما حي الدير فيصل عدد سكانه إلى 845، بحسب أرقام دائرة الإحصاءات العامّة عام 2019.
تتواصل كعابنة يوميا مع سائق "السرفيس الأبيض" لكي ينقلها من حي الدير ويوصلها إلى مأدبا حيث يوجد المجمع، ولقاء ذلك يطلب منها سائق السرفيس أجرة إضافية دينار، بحجة أنه سيصل إلى منطقة غير مأهولة بالمواصلات، "المشكلة عندي بالوصول من البيت الى ماعين، خاصة الصبح، وعشان هيك بدي أتواصل مع السرفيس يوميا وممكن يبعث لي حدا ثاني أنا ما بعرفه، أو ممكن ما يكون فاضي، وغير أنه غالي بكلفني دينارين من وإلى ماعين. 
عام كامل من المعاناة عاشتها كعابنة خلال عملها في عمّان، وتوضّح كعابنة، "لو صحلي شغل جديد بعمان لن أذهب، لأن المسافة بعيدة والباص يتأخر على بين ما يوصل".
وهذا ما أكدته ورقة السياسات التي أعدها معهد (WANA) غرب آسيا وشمال أفريقيا عام 2019، حول "مشاكل النقل العام وأثرها على المشاركة الاقتصادية للمرأة في عمّان"، إذ تُرجع الورقة أحد اسباب عزوف النساء عن المشاركة في سوق العمل إلى طول فترة الرحلة بسبب طول فترة الانتظار في الأماكن العامّة، واستخدام أكثر من وسيلة نقل غير آمنة، وتفضيل الركاب الذكور على الإناث، والتلوث السمعي الناتج عن المشادات الكلامية في الباص أو المجمع.  
في سياق متصل، لا يزال الأردن دون النسبة العالمية بخصوص انتشار وسائل النقل العام بالنسبة إلى عدد السكان، فتتراوح النسب العالمية بين 1% إلى 2% لكل ألف من السكان، بينما تصل في المملكة إلى 0.7% لكل ألف، بحسب تصريح لأمين عام وزارة النقل المهندس وسام التهتموني. 
وهذا ما انعكس أيضا على سلام فريحات (28 عاما) التي تقطن بمنطقة الحسينيات وهي إحدى قرى جرش البعيدة عن مركز المحافظة 20 كم تقريبا ويصل عدد سكانها إلى 1,234، إذ وجدت سلام عمل في مكتب علاقات عامة لأحد الشركات الكبيرة في عمّان، إلا أن مكان سكنها كان الحد الفاصل بين قبولها بالعمل أو رفضها، فتقول إدارة الشركة لسلام: "أنت ساكنة بعيد، كيف ستأتين يوميا من جرش الساعة 8 صباحا إلى العمل؟ لن تستطيعي!".  
رغم أنّ المسافة فعلا بعيدة عن سلام، وتتطلب وقت وجهد كبيرين منها؛ إلا أنها كانت مستعدة أن تستقل المركبات الخاصة (المتواجدة بكثرة في جرش) حتى تصل إلى العمل المرجو، "كنت متخرجة جديد وبدي أي شغل، المهم آخذ خبرة حتى لو التكلفة مضاعفة، هم متخوفون أن لا التزم بالشغل بسبب بعد المسافة"، مضيفةً، "قِلّة المواصلات بتخليني أفكر مليون مرة قبل ما أطلع من البيت على أي شغل خارج جرش، اللي فرص العمل أساسا محدودة جدا فيها".
بحسب مسح نفقات ودخل الأسرة لسنة 2017/ 2018 الصادر عن دائرة الإحصاءات العامة، فإن متوسط الإنفاق السنوي للأسر في المملكة على النقل يصل إلى ما يقارب 2000 دينار سنويا، ويقع الإنفاق على النقل في المرتبة الثانية بعد الإنفاق على المسكن والمياه والكهرباء والغاز في كل محافظات المملكة.