المرصد العمالي الأردني –
ما إن أعلنت دائرة الإحصاءات العامة، أمس الثلاثاء، عن صافي أعداد فرص العمل المستحدثة خلال العام الماضي والتي بلغت 95342 فرصة عمل، حتى بدأ خبراء يتساءلون حول مدى دقة هذه الأرقام، وبخاصة في ظل عدم انخفاض معدلات البطالة وبقائها عند مستويات عالية.
وبين الخبراء أن هذه الأرقام لا تعكس الواقع، إذ لم ينخفض معدل البطالة بشكل ملموس، حيث بلغ خلال الربع الأخير من عام 2022 (22.9) بالمئة وانخفض بمقدار 1.5 نقطة مئوية فقط عن ذات الفترة من العام 2023.
يقول الخبير الاقتصادي حسام عايش إن الحكومة عندما تُعلن عن هكذا أرقام فعليها توضيح مضامينها، لإثبات انعكاسها على أرض الواقع.
ويوضح عايش، خلال حديثه إلى "المرصد العمالي"، أن الحكومة لم توضح مضامين هذا الرقم، مثل نوعية الوظائف المستحدثة، وهل هي مستدامة أم مؤقتة.
وتساءل عايش حول ما إذا كانت مستويات أجور تلك الوظائف المستحدثة أعلى من الحد الأدنى للأجور أم أقل، وهو ما قد يثير بعض "الشكوك" حول ذلك الرقم.
ويرى عايش أن معدل البطالة كان يجب أن ينخفض بمقدار 5 بالمئة في حال كان الاقتصاد الأردني وفّر فعلياً 95 ألف فرصة عمل، إلا أن معدل البطالة لم ينخفض سوى 1.5 بالمئة فقط.
كما تساءل عايش عن كيفية قدرة الاقتصاد الأردني على توفير هذا الكم الكبير من فرص العمل وهو عند معدل نمو أقل من 3 بالمئة، وأكد أن معدل نمو كهذا لا يستطيع استحداث فرص عمل بهذا العدد الذي أعلنته دائرة الإحصاءات العامة.
ويشير إلى أن الرقم المعلن لا يعكس أيضا الاستثمارات في سوق العمل، موضحا أن متوسط كلفة إيجاد فرصة عمل واحدة تقدر بـ20 ألف دينار، ما يعني أن سوق العمل الأردني يحتاج إلى استثمارات ضخمة بتكلفة تجاوز الـ2 مليار من أجل خلق 95 ألف فرصة عمل، وهو ما لا يعكس واقع الاستثمارات في سوق العمل.
في حين أبدى الخبير في التأمينات الاجتماعية موسى الصبيحي، في منشور له عبر "فيسبوك"، استغرابه من هذا الرقم خصوصا وأنه لم ينعكس على أعداد مشتركي الضمان الفعّالين، إذ كانوا في عام 2022 (1205774) مشتركا أردنيا وارتفعوا إلى (1237000) مشتركا أردنيا في عام 2023.
واستخلص الصبيحي من خلال بيانات المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي أن صافي عدد فرص العمل المستحدثة خلال العام الماضي يصل إلى 8626 فرصة عمل، مشيرا إلى أن الرقم المعلن من دائرة الإحصاءات العامة أعلى بكثير من ذلك، وهو ما يحتاج إلى التحليل والتمحيص والدراسة من قبل كافة الجهات المعنية.
ويرى أن أرقام وبيانات مؤسسة الضمان الاجتماعي هي الأكثر تعبيراً عن الحالة الاقتصادية، والأكثر ترجمة لفعالية جهود الحكومات في التشغيل وجذب الاستثمار واستحداث فرص عمل جديدة للأردنيين.
أما الدكتور قاسم الحموري، وهو خبير في الشأن الاقتصادي كذلك، فيقول إن أعداد فرص العمل المستحدثة خلال العام الماضي التي أعلنتها دائرة الإحصاءات العامة "غير مقنعة وبعيدة كل البعد عن الواقع".
وأرجع الحموري ذلك إلى عدم انخفاض معدلات البطالة بشكل ينسجم مع ذلك الرقم، ويوضح بالقول: "لو الاقتصاد الأردني وفّر 95 ألف فرصة عمل لكان معدل البطالة انخفض بمقدار لا يقل عن 2.5 بالمئة".
كما أن معدل النمو الاقتصادي الأردني الذي كان يراوح بين 2.8 و2.3 بالمئة خلال العام الماضي غير كافي لاستحداث هذا العدد الكبير من فرص العمل، مشيرا إلى أن استحداث 95 ألف فرصة عمل يجب أن يوازيه اقتصاد أقوى من ذلك، وفق الحموري.