أكد المرصد العمالي الأردني أن الشباب في الأردن يواجهون عقبات عديدة تحول دون انخراطهم في سوق العمل، ما ساهم في وصول معدلات البطالة بين الشباب إلى مستويات عالية جدا وتعد من بين أعلى النسب في العالم.
وفي بيان أصدره المرصد التابع لمركز الفينيق للدراسات بمناسبة اليوم العالمي للشباب الذي يصادف الثاني عشر من آب من كل عام، بيّن أن معدلات البطالة بين الشباب في الأردن وصلت إلى نحو 43 بالمئة، وهي نتاج للسياسات الاقتصادية والتعليمية إضافة إلى سياسات التشغيل غير الفعّالة المعمول بها منذ عقود.
وأوضح المرصد العمّالي أن السياسات المالية الانكماشية والسياسات الضريبية غير العادلة (الضريبة العامة على المبيعات والضرائب المقطوعة والرسوم الجمركية) التي تطبقها الحكومة، أضعفت قدرات الاقتصاد الأردني على توليد فرص عمل جديدة تستوعب الداخلين الجدد إلى سوق العمل، إذ أنه يدخل سنويا سوق العمل نحو 140 ألف باحث عن العمل، في حين يولّد الاقتصاد الأردني بقطاعيه العام والخاص ما لا يزيد عن 40 ألف وظيفة جديدة سنويا فقط.
وبالنسبة إلى السياسات التعليمية وبمناسبة صدور نتائج الثانوية العامة مؤخرا، أشار المرصد إلى استمرار عمليات التوسع في التعليم الجامعي الأكاديمي منذ ثلاثة عقود على حساب التعليم المتوسط التقني والمهني خلافا لحاجات سوق العمل وللممارسات الفضلى في مختلف أنحاء العالم، ما أحدث تشوهات هيكلية في سوق العمل وساهم في زيادة معدلات البطالة بين الشباب.
ولفت المرصد إلى أن عدد الملتحقين بالجامعات من خريجي الثانوية العامة يقارب الـ300 ألف طالبا وطالبة، في حين لا يجاوز عدد الطلبة في كليات المجتمع المتوسطة ومعاهد مؤسسة التدريب المهني الـ30 ألفا.
ويعود ذلك، وفق المرصد، إلى عدم تهيئة البيئة التشجيعية المناسبة لهذا النوع من التعليم فضلا عن عدم زيادة مقاعد الدراسة في مؤسسة التدريب المهني ذات القدرة الاستيعابية المحدودة.
ودعا المرصد العمالي الطلبة الناجحين في الثانوية العامة لهذا العام إلى اختيار التخصصات التي يتوفر فيها فرص عمل والبحث عن مهن المستقبل والمتوقع أن تتوسع بشكل سريع خلال السنوات القادمة، إضافة إلى الالتحاق بكليات المجتمع المتوسطة ومعاهد مؤسسة التدريب المهني.
وفيما يتعلق بسياسات التشغيل التي طبقتها الحكومات المتعاقبة بما فيها الحالية، أكد المرصد أنها أثبتت عدم فاعليتها، إذ لم تُساهم في خفض معدلات البطالة بين الشباب.
ويعود ذلك بشكل أساس، وفق المرصد، إلى أن تصميم برامج التشغيل تقوم على فرضيات غير دقيقة، تتمثل في أن الباحثين عن عمل لا يعرفون كيفية الوصول إلى فرص العمل المتوافرة، وأن المُشغّلين في القطاع الخاص لا يستطيعون الوصول إلى طالبي الوظائف من الشباب والشابات.
ورأى المرصد أن الأصل في هذه البرامج أن تستهدف الأسباب الحقيقية وراء ارتفاع معدلات البطالة، مثل إعادة النظر في السياسات المالية والضريبية غير العادلة، ومراجعة سياسات التعليم، إضافة تحسين شروط العمل.
ولاحظ المرصد أن شروط العمل في العديد من فروع القطاع الخاص ما تزال ضعيفة، وبخاصة مستويات الأجور المنخفضة التي ما تزال عند 260 دينارا شهريا، على الرغم من الارتفاعات التي تطرأ كل فترة وأخرى على أسعار مختلف السلع والخدمات، وهو قريب من نصف خط الفقر للأسر.
وأكد المرصد أن السياسات الحكومية التي نراها اليوم وآخرها صدور نظام تخفيض اشتراكات تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة للعاملين دون سن الـ30 في القطاع الخاص، تتناقض مع توجهات الدولة الأردنية لضمان انخراط الشباب في سوق العمل، إذ أن هذا النظام سيصعب من مهمة البحث عن عمل للشباب، لأنه يحرمهم من حق أساسي لهم، وسيُضعف من الحمايات الاجتماعية المقدمة لهم.
وأكد المرصد أن هذه التحديات الصعبة التي يواجهها الشباب والشابات في الأردن، جاءت نتاجا لجملة من الخيارات والسياسات الاقتصادية التي تم تطبيقها في الأردن على مدار العقود الماضية، وأنه آن أوان مراجعتها، إذ تشير استطلاعات الرأي المحلية والدولية إلى أن غالبية الشباب الأردني يرغبون بالهجرة.