عمّان، 20 شباط 2024
طالب المرصد العمالي الأردني الحكومة بضرورة معالجة الفجوات التي تعاني منها منظومة الحماية الاجتماعية بشكل يضمن تعزيز مسارات العدالة الاجتماعية التي تراجعت بشكل ملموس خلال العقود الماضية.
وقال إن السياسات الحكومية الناظمة للحماية الاجتماعية تقوم على توفير دخول منخفضة جدا للفقراء، ولا تعمل على الحؤول دون وقوع المزيد من المواطنين في دائرة الفقر، لذلك نشهد بشكل مستمر ارتفاعا في معدلات الفقر التي وصلت، حسب الحكومة، إلى ما يقارب 24 بالمئة.
جاء ذلك في بيان أصدره المرصد التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، الثلاثاء، بمناسبة اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية الذي يصادف في العشرين من شهر شباط من كل عام.
وأوضح المرصد أن مظاهر ضعف العدالة الاجتماعية في الأردن عديدة، وفرص الوصول إلى الموارد التي تُمكن أفراد المجتمع كافة من العيش بكرامة تتراجع سنة بعد سنة.
وبين أن معدلات البطالة العالية وبخاصة بين الشباب، ومعدلات الفقر المرتفعة ومستويات الأجور المتدنية مقابل ارتفاع مستويات أسعار مختلف السلع والخدمات، وعدم فاعلية سياسات العمل بعامة والتشغيل بخاصة، إلى جانب ضعف جودة التعليم والرعاية الصحية، وهشاشة منظومة الحماية الاجتماعية وعدم شموليتها، هي إثبات واضح على ضعف العدالة الاجتماعية في الأردن.
ونبه المرصد في البيان إلى أن مظاهر ضعف مؤشرات العدالة الاجتماعية وتفاقم مظاهر التفاوت الاجتماعي واللامساواة الاقتصادية، نجمت عن جملة من السياسات الاقتصادية والاجتماعية، تمثلت في فرض منظومة ضريبية غير عادلة، حيث تشكل الإيرادات الضريبية غير المباشرة (الضريبة العامة على المبيعات والضرائب المقطوعة والرسوم الجمركية) ما يقارب ثلاثة أرباع مجمل الإيرادات الضريبية، وهي لا تميز بين فقير وغني.
ورأى أن ذلك ساهم بشكل كبير في رفع مستويات الأسعار وتكاليف المعيشة بالمقارنة مع الدول الأخرى التي تزيد فيها مستويات الدخول أضعاف مستوياتها في الأردن.
وأشار إلى أن ضريبة الدخل المعمول بها في الأردن هي غير تصاعدية بشكل كامل؛ فهي تصاعدية على الطبقة الوسطى فقط، وثابتة على أصحاب الدخول العالية أكانوا أفرادا أو شركات.
وأكد المرصد أن القرارات الحكومية الأخيرة بتأجيل رفع الحد الأدنى للأجور حتى عام 2025، والتعديلات التراجعية التي أجريت على قانوني العمل والضمان الاجتماعي وبخاصة تلك التي ستحرم الشباب دون سن الـ30 من بعض التأمينات التي يوفرها قانون الضمان الاجتماعي، إلى جانب عدم تطوير أدوات تأمينية جديدة تضمن شمول جميع العاملين في الأردن بمنظومة الضمان الاجتماعي، ستُضعِف أكثر فأكثر العدالة الاجتماعية في الأردن.
ولفت المرصد إلى أن الحكومة ما تزال تُصر على تطبيق مثل هذه السياسات، وحذّر من أن استمرار العمل بها سيضعف تمتع المواطنين بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية، وسيهدد الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وسيضعِف كذلك فرص تحقيق معدلات نمو اقتصادي مستدام قادر على توليد فرص عمل لائق، التي تعد الهدف الأساس لرؤية التحديث الاقتصادي، وسيضرب عرض الحائط المرتكزات والأهداف الأساسية للاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية التي أقرتها الحكومة في عام 2019.
وأكد المرصد أن العدالة الاجتماعية هي المدخل الأساس لتمكين الناس من التمتع بحقوقهم الإنسانية الأساسية التي كفلتها مختلف الشرائع الإنسانية والمنظومة العالمية لحقوق الانسان، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتشكل أداة أساسية لتعزيز مختلف القطاعات الاقتصادية وتحقيق النمو الاقتصادي الشمولي.
وطالب المرصد الحكومة بضرورة إعادة النظر بمجمل سياساتها الاقتصادية والاجتماعية والتوجه نحو الاستثمار بالحمايات الاجتماعية بمختلف أبعادها، وزيادة فاعلية الإنفاق على التعليم والرعاية الصحية والتشغيل، ومراجعة السياسات الضريبية لتكون أكثر عدلا بتخفيض الضريبة العامة على المبيعات وفرض مبدأ التصاعدية على ضريبة الدخل على الأفراد والشركات، إلى جانب زيادة مستويات الأجور لتعزيز الطلب المحلي، الذي هو أحد المحركات الرئيسية للنمو الاقتصادي.