المرصد العمّالي الأردني- رزان المومني
صدرت في الجريدة الرسمية في الأول تشرين الثاني تعليمات حماية المرأة الحامل والمرأة المرضعة وذوي الإعاقة والأشخاص الذين يؤدون عملاً ليلياً لسنة 2023، بموجب أحكام المادة (69/ب) من قانون العمل رقم (8) لسنة 1996 وتعديلاته.
وحظرت التعليمات فصل المرأة لأسباب تتعلق بالحمل أو الولادة أو الرضاعة أو خلال إجازة الأمومة، وكذلك تشغيل المرأة الحامل والمرأة المرضعة في 16 عملا، وهي المناجم والمحاجر والأعمال المتعلقة باستخراج المعادن وصهرها ولحمها والحجارة تحت سطح الأرض، وتغضيض المرايا بواسطة الزئبق، وصناعة المواد المتفجرة والأعمال المتعلقة بها، والعمليات الصناعية التي تدخل في تداولها عنصر الرصاص أو أكسيد الرصاص أو مركبات الرصاص وتنظيف ورَشِها.
كما تضمنت التعليمات حظر عمل المرأة الحامل والمرضعة في عمليات المزج والعجن في صناعة وإصلاح البطاريات الكهربائية، وعمليات المزج والعجن في صناعة وإصلاح البطاريات الكهربائية، وصناعات الإسفلت والكاوتشوك، وشحن وتفريغ وتخزين البضائع في الأحواض والأرصفة والموانئ ومخازن الاستيداع واستقبال وصيانة السفن، والأعمال التي تشمل التعرض للإشعاعات الذرية أو النووية وأشعة إكس.
كما حظرت عمل المرأة الحامل والمرضعة في أي عمل يستدعي تداول أو التعرض لأبخرة وأدخنة أيٍّ من مشتقات النفط، والأعمال التي يصحبها التعرض لمواد ماسخة للأجنة "تراتوجينية"، والأعمال التي تستلزم التعرض للإثيلين في الصباغة وثاني كبيريتيد الكربون في الحرير الصناعي والسيلفون والمواد الهدروكربونية في تكرير البترول والزئبق والفسفور والنيتروبنزول والمنجنيز والكالسيوم والبيريليوم، والأعمال التي يتعرض لها العاملين للمخاطر الكيميائية.
وتُلزم التعليمات صاحب العمل بمنح المرأة الحامل فترة راحة مدتها ساعة واحدة خلال ساعات العمل على أن تحتسب ضمن ساعات العمل الفعلي ولا يترتب عليها تخفيض الأجر، على ألا تقل مدة الراحة للمرأة الحامل والمرضعة ما بين نهاية العمل وبدايته في اليوم التالي عن 12 ساعة، وتوفير أماكن آمنة وصحية مخصصة لراحة المرأة الحامل والمرضعة، وتضمين الإجراءات الخاصة بساعات عمل المرأة الحامل والمرضعة في النظام الداخلي للمؤسسة.
ووفق التعليمات، فإنه لا يجوز تحديد أعمال معينة للأشخاص ذوي الإعاقة واستبعادهم من أعمال أخرى، بل اعتماد كفاءتهم في إنجاز المهام المطلوبة، وعلى صاحب العمل توفير الترتيبات التيسيرية المعقولة وإمكانية الوصول التي تتيح للأشخاص ذوي الإعاقة القيام بالمهام الوظيفية أو العملية والاستمرار والترفيع فيهما، إضافة إلى مراعاة المؤهلات العلمية والخبرات العملية عند تشغيل عامل من الأشخاص ذوي الإعاقة وتحديد الأجر المخصص لهذا العمل دون تمييز قائم على أساس الإعاقة.
كما تُلزم التعليمات صاحب العمل خلال العمل في الليل، بتوفير بيئة عمل صحية وآمنة من خلال اتخاذ جميع التدابير والإجراءات والاحتياطات لتأمين الرعاية الطبية اللازمة لحماية العاملين الذين يؤدون عملا ليليا، واتخاذ الترتيبات التي تكفل نقل العمّال بسرعة إلى المستشفيات أو المراكز والعيادات الطبية لتقديم العلاج المناسب، وتوفير الإضاءة الكافية والمناسبة ووسائل التدفئة اللازمة وأدوات إطفاء الحريق والإسعافات الأولية لتقليل المخاطر المحتملة.
فيما تُطبق أحكام التعليمات على المرأة الحامل والمرأة المرضعة والأشخاص ذوي الإعاقة والأشخاص الذين يؤدون عملا ليليا. ويعاقب صاحب العمل الذي يخالف هذه التعليمات بالعقوبات المنصوص عليها في القانون. فيما يصدر وزير العمل القرارات لتنفيذ أحكام هذه التعليمات.
وفي حديثهم إلى "المرصد العمّالي الأردني"، يرى خبراء ومتخصصون في مجال السلامة والصحة المهنية، أنّ التعليمات تتعارض مع المادة 72 من قانون العمل الأردني، ولم تتضمن وجود مشرف سلامة وصحة مهنية في موقع العمل أثناء الليل، وهناك حاجة لوجوده وبخاصة في الشركات والمؤسسات المتخصصة في الصناعات الخطرة.
وينبهون إلى أن التعليمات لا تحمي النساء الحوامل اللاتي يعملن بالمواد الكيماوية في المختبرات وتتطلب طبيعة عملهن أن يبقين واقفات لا يجلسن، أو توضح بشأن التزام صاحب العمل بذلك. وأن التعليمات لم توضح ما العناية الطبية اللازمة، التي قالوا إنها تختلف عن تأمين الإسعافات الأولية.
تتعارض وقانون العمل الأردني
يقول أسامة أبونوّاس مستشار ومدير السلامة والصحة المهنية في عدد من الشركات الخاصة، إن ساعة الاستراحة للمرأة الحامل المتضمنة في الفقرة "أ" من المادة الخامسة، من الممكن أن يحتسبها صاحب العمل على أن تنجز المهام بشكل متواصل في اليوم وتنهي عملها بدون أن تحصل على هذه الساعة، "في بعض الشركات أو المؤسسات يتم استغلال هذه الجزئية للإنتاجية أكثر، ولا يهيء صاحب العمل البيئة المناسبة للمرأة الحامل وتبقى البيئة ذاتها الموكلة إليها قبل الحمل وبعده.
ويوضح أن الفقرة "ج" من المادة ذاتها التي تُلزم صاحب العمل بتوفير أماكن آمنة وصحية مخصصة لراحة المرأة الحامل والمرضعة، تتعارض مع الفقرة "أ" من المادة 72 من قانون العمل الأردني، ولم تتطرق إلى أن بعض الشركات الكبيرة يكون فيها نسبة النساء العاملات كبيرة ولا توفر حضانات منذ بادئ الأمر ولا يحصلن حتى على الساعة المستحقة.
وتنص الفقرة "أ" من المادة (72) من قانون العمل الأردني على: "يلتزم صاحب العمل الذي يستخدم عدداً من العمال في مكان واحد ولديهم من الأطفال ما لا يقل عن 15 طفلاً لا تزيد أعمارهم على خمس سنوات بتهيئة مكان مناسب ويكون في عهدة مربية مؤهلة أو أكثر لرعايتهم، كما ويجوز لأصحاب العمل الاشتراك في تهيئة هذا المكان في منطقة جغرافية واحدة".
فيما تنص الفقرة "ب" من المادة نفسها "للوزير تحديد البدائل المناسبة إذا تبين عدم إمكانية صاحب العمل من تهيئة المكان المناسب في المنشأة، أو محيطها ضمن تعليمات تصدر لهذه الغاية".
وكانت قد أصدرت وزارة العمل تعليمات بدائل الحضانات المؤسسية لعام 2023 بمقتضى الفقرة "ب" من المادة شريطة أن يكون لدى العاملين في المؤسسة ما لا يقل عن 15 طفلا لا تزيد أعمارهم على العمر المحدد بمقتضى نظام دور الحضانة، أن تلتزم بأحد البدائل المنصوص عليها في هذه التعليمات، على أن يتعاقد صاحب العمل مع دار حضانة أو أكثر في مناطق جغرافية متعددة أو أن يتعاقد العامل مع دار حضانة يختارها على أن يساهم صاحب العمل بتغطية التكلفة المالية عن كل طفل.
ويشير أبونوّاس إلى أن البندين الأول والثاني من المادة التاسعة من التعليمات لم يتضمنا أن يكون في موقع العمل أثناء الليل مشرف سلامة وصحة مهنية، وهناك حاجة لوجوده وبخاصة في الشركات والمؤسسات المتخصصة في الصناعات الخطرة.
ويتساءل: من الذي سينقل العمّال إذا تعرضوا إلى خطر أثناء الليل إذا لم يكن هناك مشرف سلامة وصحة مهنية؟، ناهيك عن أن مشرف السلامة هو الذي يجيد التعامل مع أدوات السلامة والصحة المهنية في حال حدثت أخطار أثناء العمل الليلي.
لا تحمي العاملات اللاتي يتطلب عملهن الوقوف
في حين ترى ريما الشوبكي، مديرة السلامة والصحة المهنية في شركة خاصة، أن التعليمات بشكل عام شاملة، وتحمي المرأة الحامل وتُلزم أصحاب العمل بالاعتناء في هذه الفئة من النساء العاملات إلى جانب الأشخاص ذوي الإعاقة.
وتشير إلى أن قانون ذوي الإعاقة يُلزم صاحب العمل بتوظيف نسبة معينة من ذوي الإعاقة وهو ما لا يطبق بشكل جيد في الشركات بسبب طبيعة العمل المتواجدة في بعض الشركات، والتعليمات مكملة لقانون ذوي الإعاقة ويحفظ حق هذه الفئة في العمل.
وتوضح أن التعليمات لم توضح آلية التطبيق في الشركات والمؤسسات لضمان حماية المرأة الحامل والمرأة المرضعة اللاتي قد يتعرضن لمخاطر في المختبرات ويتعاملن مع مواد كيماوية حتى وإن استخدمت أدوات السلامة. وتتساءل عما إذا كانت التعليمات تحمي المرأة الحامل التي يجب ألا تتعرض للمواد الكيماوية نهائيا بصرف النظر عن وسائل الحماية.
وتستدرك بالقول إن التعليمات لم توضح في حال كانت طبيعة عمل المرأة الحامل تتطلب العمل وهي بوضعية الوقوف طوال ساعات العمل، "هذه المشكلة واجهتنا مع إحدى الزميلات التي كانت حاملا وعملها يتطلب أن تعمل الفحوصات الكيماوية في المختبر مع توافر أدوات السلامة اللازمة وهي في وضعية الوقوف طوال الوقت، فهل تلزم التعليمات صاحب العمل في هذه الحالة بأن تتوقف عن العمل؟".
لا تكفي لحماية الفئات المذكورة
من جانبه يعتقد حمدي جعفر المستشار في السلامة العامة أن التعليمات "مهمة وتراعي المرأة الحامل والمرأة المرضعة وذوي الإعاقة والعمالة الليلية". ويرى فيها "خطوة مهمة في تحقيق الأمن الوظيفي والسلامة للفئات المذكورة".
لكنه يلفت إلى أن الأعمال المذكورة في التعليمات لا تكفي لحماية الفئات الثلاث. ويقترح إضافة الأعمال الواردة في القرار الصادر عام 2011 عن وزارة العمل الخاص بالأعمال الخطرة أو المرهقة أو المضرة بالصحة للأحداث الذي صدر بمقتضى أحكام المادة 74 من قانون العمل.
ويرى أن التعليمات أنصفت المرأة الحامل عن غير الحامل بتعريف العمل الليلي بأنه "من مغيب الشمس لشروقها" بخلاف التحديد للنساء "من الساعة 10 مساء وحتى السادسة صباحا"، بالإضافة إلى زيادة فترة الراحة بين نهاية العمل وبدايته للمرأة الحامل عن النساء بإضافة ساعتين.
في الوقت ذاته يتساءل حمدي عما إذا كان يحق للمؤسسات مطالبة الحوامل بالحضور للعمل قبل شروق الشمس أو لا يحق ذلك لكونه تم تصنيفه بالعمل ليلا.
ويشير إلى أن الفقرة "ب" من المادة الرابعة من التعليمات ذكر "تقرير معتمد"، وعليه من المحتمل أن ترفض المؤسسة أي تقرير إلا من قبل طبيبها المعتمد أو لجنة تعتمدها المؤسسة أو أطباء شركات التأمين المعتمدة لديهم، علما بأن المادة 65 من قانون العمل تمنح حق اعتماد التقرير والإجازة الطبية فقط لطبيب معتمد من قبل المؤسسة أو لجنة طبية تعتمدها المؤسسة ولا تُلزم المؤسسة بأي طبيب حكومي أو خاص أو طوارئ.
ويلفت إلى أن الفقرة "ج" من المادة الرابعة هي المادة منسوخة حرفيا من قرار صادر عن وزير العمل عام 2010 الذي صدر بمقتضى أحكام المادة 69 من قانون العمل ويحظر تشغيل النساء بالأعمال المذكورة، ولم يتم توضيح ما إذا ألغي القرار بالنسبة للنساء وأصبح ينطبق على النساء الحوامل والمرضعات فقط أم أن الحوامل والمرضعات غير مشمولات بلفظة النساء في القرار.
ويوضح أن في البند الأول من المادة التاسعة الذي يُلزم صاحب العمل خلال العمل في الليل بتوفير بيئة عمل صحية وآمنة من خلال اتخاذ جميع التدابير والإجراءات والاحتياطات لتأمين الرعاية الطبية اللازمة لحماية العاملين الذين يؤدون عملا ليليا، لم توضح ما العناية الطبية اللازمة والتي تختلف عن تأمين الإسعافات الأولية في البند الثالث من المادة ذاتها.
فيما تنص المادة (69/ ب) من قانون العمل الأردني، التي بموجبها صدرت هذه التعليمات على أن تحدد الأوقات التي لا يجوز تشغيل النساء فيها والحالات المستثناة منها بقرار من الوزير بعد استطلاع رأي الجهات الرسمية المختصة.