Phenix Center
English
 

الرئيسية > ماذا بعد تعديلات العقد الموحد؟

ماذا بعد تعديلات العقد الموحد؟

الاحد, 24 أيلول 2023
النشرة الالكترونية
Phenix Center
ماذا بعد تعديلات العقد الموحد؟
المرصد العمّالي الأردني - رزان المومني
جاءت التعديلات الأخيرة على بنود عقد العمل الموحد للعاملين في مؤسسات التعليم الخاص (في حال جرى تطبيقها بصورة جيّدة) لتعالج بعض الانتهاكات العمّالية التي يتعرض لها المعلمون والمعلمات في المدارس الخاصة في ظل بنود العقد الموحد القديم التي لم تطبق بصورة جيّدة.

كان أبرز تلك الانتهاكات العمّالية ما يتعلق بعدم الحصول على نسخة من عقد العمل، والحرمان من الإجازات السنوية، وتسليم الرواتب باليد، وعدم تجديد العقود في العطلة بين الفصول الدراسية، فجاءت التعديلات الجديدة لتعالج هذه الانتهاكات.

النسخة الجديدة من العقد الموحد، تضمن زيادة مدة أول عقد للعاملين في مؤسسات التعليم الخاص من 10 إلى 12 شهرا، وتُلزم المؤسسات بتحويل أجور العاملين فيها إلى البنوك المعتمدة أو للمَحافظ الإلكترونية للعاملين في القطاع بعد أن كانت برغبة المعلم، وألغت المصادقة على عقود العمل الموحدة التي كانت مُلزمةً لهذه المؤسسات لدى نقابتي العاملين في التعليم الخاص وأصحاب المدارس الخاصة.

يرى معلمون، في أحاديثهم إلى "المرصد العمّالي الأردني"، أن التعديلات لصالحهم حال طبقت على أرض الواقع وفرضت رقابة وتفتيش من الجهات المعنية، بينما بعض المعلمين لا يعرفون شيئا عن هذه التعديلات. كما يرى ناشطون ونقابيون أن التعديلات أكثر ضمانا من السابق وأن دور المعلمين مهم في تطبيقها، وأن الأتمتة الإلكترونية تحتاج إلى توضيح أكثر؛ لتجنب التجاوز من أصحاب المدارس. وأن هناك أولوية لوجود مظلة حقوقية تدافع وتتابع تطبيق تعديلات العقد الموحد.

آمال بتحسين بيئة العمل
تعمل ميادة منذ عام 2019 معلمة في إحدى المدارس الخاصة. وتعتبر أن التعديلات الجديدة على بنود العقد لصالحها ولصالح كل معلم، وتَضمن جزءا من الحقوق المهنية، وبخاصة المتعلقة بزيادة مدة أول عقد للمعلمين من 10 إلى 12 شهرا.

وفي حديثها إلى "المرصد العمّالي الأردنيّ"، تشير إلى أن بعض المعلمين يقبلون بالقليل تحت ضغط أصحاب العمل؛ لأجل ما وصفته بالحفاظ على لقمة العيش، كما أنّهم يتعرضون لانتهاك حقوقهم من خلال استغلال بعض أصحاب العمل عدم درايتهم ببعض البنود القانونية. وتعتقد أنّ ما يضمن حق المعلم هو أتمتة العقد الموحد والتعامل معه إلكترونيا؛ للحد من أي تلاعب قد يقوم به بعض أصحاب العمل.

وتأمل ميادة أن تتحسن بيئة العمل، وترتفع الأجور والعلاوات في قطاع التعليم الخاص خلال الفترة المقبلة. وتكشف أنّها تحصل على أجر شهري مقداره (350) دينارا، كما أنّها تُدرِّس موادَّ أخرى إلى جانب مادة الرياضيات.

لم يعرف بالتعديلات بعد
أما محمد صبابحة فيعمل منذ عامين في مدرسة خاصة بمحافظة إربد معلما لمادة الرياضيات، ويقول لـ"المرصد العمّالي الأردني" إنه لا يعرف بالتعديلات الجديدة على بنود العقد الموحد.

ويزعم أن التعديلات لا تشكل فرقا عن سابقتها؛ "فالعقد القديم لم يطبق بعد بشكل جيّد بسبب غياب الرقابة والتفتيش من قبل الجهات المعنية، والأمر لا يختلف في العقد الجديد".   

تساؤلات حول الالتزام بالتعديلات؟
أما سيرين، التي تعمل منذ 2012 معلمة في المدارس الخاصة بمحافظة الزرقاء، فتقول، خلال حديثها إلى "المرصد العمّالي الأردنيّ"، إنّ من الممكن أن يتحايل بعض أصحاب المدارس من خلال الغاء تفعيل العقد مدة شهر من توقيعه، فيتهربون من تطبيق التعديل المتعلق بزيادة مدة أول عقد للعاملين في هذه المؤسسات من 10 – 12 شهرا.

 وتتساءل سيرين حول مدى التزام أصحاب المدارس بالتعديلات الجديدة على العقد، ومدى فرض الرقابة والتفتيش على تطبيق التعديلات من قِبل أصحاب المدارس. فبعض المدارس "تتهرّب من دفع أجر شهر بعد توقيع العقد من خلال الغاء تفعيل العقد" كما حدث معها وزميلاتها في العقد السابق.

وتطالب بفرض رقابة أكثر على سلوك وتعامل أصحاب المدارس الخاصة، ورفع رواتب المعلمين والمعلمات بما يتناسب ومجهودهم وخبراتهم، وتنبه إلى أنّ أقساط أغلب المدارس الخاصة مرتفعة، في مقابل الرواتب التي يحصّلها المعلمون وتبين أنّ خبرتها تُجاوز الـ(9) أعوام، فيما لا تتقاضى سوى (330) دينارا شهريا.

الأتمتة تحتاج توضيحا 
وفي سياق متصل؛ تقول المنسقة العامّة لحملة "قُم مع المعلم" ناريمان الشواهين، في حديثها إلى "المرصد العمّالي الأردني"، إن التعديلات جاءت بعد مطالبات ومفاوضات ووقفات احتجاجية نفذتها الحملة بالتعاون مع جهات رسمية ونقابات.

 وتوضح أنّ البنود المعدلة جعلت الكلمات أكثرَ وضوحا، وعلى وجه الخصوص البند المتعلق بالتحويل البنكي الذي كان يتم بناءً على رغبة المعلم، وتلفت إلى أنّه في التعديلات الجديدة أصبح هذا البند إلزاميا، وتشير إلى أنّ البند الخاص بالعقد كان ينتهي بانتهاء الفصل الدراسي، ما كان حينئذٍ مَنفذا لتجاوزات أصحاب العمل، لكن بعد التعديلات أصبح هذا البند (12) شهرا.

وتبدي الشواهين ملاحظات حول البند المتعلق بإلزام صاحب العمل بتحويل الأجور إلى البنوك؛ وتقول إنه نوع من الضمان لحقوق المعلمين، ولكن في المقابل "تفاصيل عملية التحويل غير واضحة ويجب توضيحها".

وتأمل تطبيق التعديلات الجديدة على أرض الواقع، وتفعيل جميع بنود العقد، وتدعو إلى فرض رقابة ثلاثية على عملية الأتمتة الالكترونية من قبل وزارتي العمل والتربية ومؤسسة الضمان الاجتماعي.
 
وتؤكد أنّ الحملة ستقوم بدورها في توعية معلمي المدارس حول بنود العقد الموحد الجديد، ونشر رسائل إلكترونية إلى حين تطبيق البنود الجديدة بداية العام القادم، إلى جانب استقبال الشكاوى من المعلمين ومتابعتها وتقديم الاستشارة القانونية. 

دور المعلمين بتطبيق التعديلات
من جهته، يؤكد رئيس لجنة المعلمين في النقابة العامة للعاملين في التعليم الخاص لؤي الرمحي لـ"المرصد العمّالي الأردنيّ" أنّ التعديلات الجديدة جاءت بعد مطالبات وجهد كبير بذلته النقابة. ويقول الرمحي إن المشكلة التي كانت تؤرق أكثر من 90 بالمئة من المعلمين وبخاصة من ينقلون للعمل في مدرسة أخرى هي "مدة العقد التي تم تعديلها لتصبح 12 شهرا". 

ويشير إلى أن بنود العقد الجديد أكثر ضمانا من سابقاتها؛ فهناك خمس جهات رقابية رسمية على العقد الالكتروني؛ وهي وزارتا العمل والتربية والتعليم ومؤسسة الضمان الاجتماعي والنقابة العامة للعاملين في التعليم الخاص والنقابة العامة لأصحاب المدارس الخاصة، ويعتقد أنه هنا يأتي دور المعلمين المهم في تطبيق التعديلات، بأن لا يتنازلوا عن هذا الحق المكتسب ويمتلكوا الجرأة لتقديم شكوى في حال تعرضهم للظلم أو الانتقاص من حقوقهم.

ضرورة وجود مظلة حقوقية
من جانبه، يبيّن الناطق السابق باسم نقابة المعلمين نورالدين نديم، في حديثه إلى "المرصد العمالي الأردني"، أنّ من المفترض المصادقة على التشكيلات المدرسية من قبل نقابة المعلمين الأردنيين بخصوص إلزامية العضوية، وأن يُشترط على كل مدرسة خاصة إرسال تشكيلاتها إلى نقابة المعلمين وتدقيقها، وانتساب المعلمين إلى النقابة؛ حتى تكون مظلةً حقوقيةً إلزاميةً لهم؛ وذلك لمتابعة حقوقهم أولاً بأول، ويذكّر بأنّه عندما رُفعت مظلة النقابة عن معلمي القطاع الخاص؛ لم يتبقَ لهم من يدافع عنهم.

ويحذر من أنه يمكن أن يتحايل بعض أصحاب المدارس على هذه التعديلات؛ عبر التغوّل على حقوق المعلمين؛ من خلال إجبارهم على توقيع شيكات وكمبيالات تؤكد حصولهم على حقوقهم كاملة، أو فرض شروط جزائية، وإلزامهم بمهام خارج المهام الموكولة إليهم. ويتساءل عما إذا كانت وزارة التربية تقوم بدورها تجاه المعلمين في القطاع الخاص من حيث التدريب والتأهيل والرعاية والإشراف المباشر؟.

وينبه كذلك إلى أنه يُفترض بوزارة العمل أن تتبنى الجانب الحقوقي، فيما تتبنى وزارة التربية الجانبين الفني والمهني، أمّا نقابة المعلمين؛ فهي مظلة حقوقية وعمالية للمعلمين العاملين في القطاعين العام والخاص.

ويشير نديم إلى أن التعديلات هي إنجاز وطني، والنقابة كانت شريكةً فيه، إلى جانب وزارتي العمل والتربية والتعليم وحملة قُم مع المعلم وتربويين، والمطلوب في الأيام القادمة تشريعات عملية تحمي المعلمين في القطاع الخاص، وليس تشريعات نظرية فقط.

ما دور العمل والتربية والضمان من التعديلات؟
بدورها، تقول وزارة العمل في حديثها لـ" المرصد العمّالي الأردني"، إنها ستعلن عن الإجراءات والحملات التفتيشية في حين وقت التطبيق العام المقبل للتأكد من تطبيق المدارس الخاصة بنود العقد المواد الجديدة وغيرها.  

وحاول "المرصد العمّالي الأردني" التواصل مع وزارة التربية والتعليم مرارا وتكرارا، للاستفسار عن دور الوزارة في الرقابة والتفتيش ومتابعة تطبيق تعديلات العقد الموحد مطلع العام القادم، إلا أنه لم يتلقَ أي رد.

بينما، يلفت مدير الشؤون القانونية والناطق الإعلامي في المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي أنس القضاة إلى أن وزارة العمل عملت على العقد ولم تصل نسخة منه بعد إلى مؤسسة الضمان، "نبدي رأينا بالتعديلات حال وصول النسخة إلينا".

وبالحديث عن ظروف المعلمين والمعلمات العاملين في المدارس الخاصة بشكل عام؛ فإن غالبية العاملين يتعرضون للعديد من الانتهاكات المتمثلة: بانخفاض الأجور ومصادرة البطاقات البنكيّة، وحرمانهم من الإجازات السنوية والمرضية وإجازات الأمومة للمعلمات المتزوجات.
 
وبعض المعلمين لا يتمتعون بالحماية الاجتماعية من خلال الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي، ويتعرضون إلى العنف بأشكاله متعددة، منها النفسي واللفظي والجسدي، ويقع من عدة أطراف، وهي: الإدارة والطلاب وأولياء أمورهم، إلى جانب التعديات على حقوقهم العمالية والإنسانية الأساسية في ضوء التشريعات العمالية الأردنية والاتفاقيات ذات العلاقة.