المرصد العمالي الأردني – مراد كتكت
تكاد لا تخلو أي بيئة عمل من مخاطر صحية أو مهنية قد تؤدي إلى إصابة العامل أثناء تأديته لعمله.
لكن عندما تكون هذه البيئة خالية أيضا من الحمايات الاجتماعية مثل الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي، فهذا يستدعي التمهُّل ويثير القلق.
توفي الأسبوع الماضي 4 عمّال من الجنسية السورية إثر سقوطهم داخل بركة تابعة لمحطة تنقية في مخيم الزعتري بمحافظة المفرق أثناء قيامهم بأعمال الصيانة للمحطة.
ولم تذكر وسائل الإعلام حينها كيف وقع الحادث، أو ما هي طبيعة عمل هؤلاء العمال، ولدى أي منشأة يعملون، ما دفع المرصد العمالي إلى التواصل مع شهود عيان كانوا في المنطقة ويعيشون في المخيم لمعرفة المزيد من التفاصيل.
أحد الشهود، وهو من أقرباء أحد العمال المتوفين، قال لـ"المرصد العمالي" إن هؤلاء العمال يعملون في مجال الصيانة لدى شركة متخصصة بالصرف الصحي، وهي تحت إشراف منظمة دولية.
وبين أن العمال كانوا يعملون في المحطة لوحدهم بدون أي مشرف من الشركة وبدون أي معدات وقاية وحماية.
وأشار إلى أن العامل الأول عندما سقط في حفرة المحطة التي يبلغ عمقها نحو 7 أمتار هرع زملاؤه لإنقاذه، لكن لم يتمكنوا من ذلك لعدم وجود أي حبل معهم، ما دفعهم إلى النزول بأنفسهم للمحطة.
ولفت إلى أنهم غرقوا جميعا فور نزولهم إلى المحطة، وحاول بعض السكان مساعدتهم لكن بدون جدوى، إلى أن وصلت الفرق المتخصصة من الدفاع المدني وتمكنت من انتشالهم متوفين.
وعند سؤال المرصد العمالي عما إذا كان العمال مشمولين بالضمان الاجتماعي، أوضح المصدر أنهم غير مشمولين بأي نوع من الحمايات الاجتماعية، وأكد أن ذلك ينطبق على معظم العاملين في المخيم.
من جهته، رأى رئيس المجلس النوعي للسلامة والصحة المهنية فراس شطناوي أن هذه الحادثة تدل على انعدام الضوابط الفنية للسلامة والصحة المهنية في البيئة التي كانوا يعملون فيها.
وبين شطناوي، خلال حديثه إلى "المرصد العمالي"، أن هذه الضوابط تتمثل في مراقبة مدى التزام المنشأة بمعايير السلامة والصحة المهنية وتدريب العمال عليها وتقييمها.
ورأى أن عدم التزام منظمة دولية بمعايير السلامة والصحة المهنية يُشكل دليلا واضحا على وجود خلل في هذا المجال، ما يتطلب تحرك الجهات الرسمية المعنية حيال هذا الموضوع، لأنها تُعد جزءا من التقصير.
أما الخبير في التأمينات الاجتماعية موسى الصبيحي، فلفت إلى أن الكثير من الشركات التي تقدم مثل هذه الأعمال تلجأ إلى استخدام أشخاص على نظام المياومة، ولا تقوم بشمولهم بالضمان.
وأوضح الصبيحي أنه في حال كان العامل غير مسجل بالضمان أصلا، وينطبق عليه قانون الضمان حُكما، فيجب تسجيله بأثر رجعي، ثم يُخصص له راتب تقاعد الوفاة الناشئة عن إصابة العمل بنسبة 75 بالمئة من أجره الخاضع للضمان، ويوزّع على ورثته المستحقين.
وتساءل عن طبيعة عمل هؤلاء العمال وما إذا كانوا مُدربين ومؤهلين للعمل في مجال الصرف الصحي وعن معايير السلامة والصحة المهنية المتوفرة في تلك الشركة.
وطالب الصبيحي بضرورة شمول جميع العمال في المملكة بمظلة قانون الضمان الاجتماعي بصرف النظر عن الجهة التي تُشغّلهم ويتبعون لها أكانت دولية أو محلية.
وتُعد السلامة والصحة المهنية أحد معايير العمل اللائق، وجزءا أساسيا من الحقوق والمبادئ الأساسية في العمل، وأحد معايير العمل المرضية والعادلة التي نصت عليها التشريعات العالمية لحقوق الإنسان، وفق ورقة موقف أصدرها المرصد العمالي الأردني بمناسبة اليوم العالمي للسلامة والصحة المهنية عام 2022
وبينت الورقة أن هناك تفاوتا كبيرا في مستويات تطبيق السلامة العامة الواردة في التشريعات الأردنية ذات العلاقة بمنشآت الأعمال، إذ أن مستويات تطبيقها جيدة في غالبية المنشآت الكبيرة، بينما هي متوسطة في المنشآت المتوسطة، ومتدنية في المنشآت الصغيرة.
وطالبت الورقة بتكثيف التنسيق بين الجهات الرسمية المنوط بها ضمان مستوى عال للصحة والسلامة المهنية والمتمثلة بوزارة العمل والمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي والمديرية العامة للدفاع المدني، إلى جانب تفعيل جهود التفتيش التي تقوم بها هذه الجهات على منشآت الأعمال.
كما طالبت الورقة بضرورة التعامل مع متطلبات الصحة والسلامة المهنية بمنظور شمولي كنظام متكامل لإدارتها، وعلى جميع المؤسسات تطبيقها.