أجمع خبراء على ضرورة تطوير أدوات تأمينية فعّالة ومستدامة لشمول العمالة غير المنظمة في الأردن بمظلة الضمان الاجتماعي وتمتعهم بكافة التأمينات التي توفرها المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي.
جاء ذلك خلال جلسة حوارية عقدها مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية بالتعاون مع مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية، الثلاثاء، مع خبراء وخبيرات وأصحاب مصالح في مجال الحمايات الاجتماعية، لمناقشة كيفية شمول العمالة غير المنظمة بالضمان الاجتماعي.
وقال مدير مركز الفينيق أحمد عوض في بداية الجلسة إنه رغم كل التقدم الذي أحرزته المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي منذ تأسيسها، إلا أن نحو نصف القوى العاملة في الأردن ما تزال غير مشمولة بالضمان الاجتماعي ولا تتمتع بأي شكل من أشكال الحماية الاجتماعية.
ورأى عوض أن هذا يُشكل خللا كبيرا في منظومة الحماية الاجتماعية في الأردن، وأنه آن أوان التفكير في كيفية تطوير أدوات وآليات ملائمة وفعّالة ومستدامة وذات كلف معقولة، لتوسيع الشمول في مظلة الضمان الاجتماعي.
وأكد أن جزءا من مسؤوليات الدولة عبر حكومتها ومؤسسة الضمان الاجتماعي اتخاذ وتطوير تدابير لتعزيز الحق في الضمان الاجتماعي، لأنه حق من حقوق الإنسان.
من جهته، قال مدير التوعية التأمينية في مؤسسة الضمان الاجتماعي حسام السعدي إن المؤسسة تعتمد في عملية توسعة الشمول على مبادئ الدعم والتشجيع والترغيب في الشمول بالضمان الاجتماعي، كونه حق ويوفر مزايا وتأمينات عديدة للعاملين والعاملات بأجر.
وأشار إلى أن مؤسسة الضمان حاولت جذب العمالة غير المنظمة إليها وشمولها بالضمان الاجتماعي، من خلال برنامج (استدامة ++) الذي أطلقته المؤسسة في منتصف عام 2022.
وأوضح أن هذا البرنامج يُقدم دعما نقديا للعامل وصاحب العمل لتخفيف كلفة الاشتراك بالضمان الاجتماعي عليهم، وقال إن المرحلة الأولى للبرنامج بدأت في استهداف العاملين الذين يعملون لحسابهم الخاص والمنشآت الصغيرة ومتناهية الصغر التي يقل عدد العاملين فيها عن 10 عاملين، وبين أن معظم العمالة غير المنظمة بالأردن متركزة في هذه المنشآت.
ولفت السعدي إلى أن العديد من أصحاب العمل يتهربون من إشراك العاملين لديهم بالضمان الاجتماعي، بسبب الكلفة التي ستترتب عليهم، وينطبق ذلك أيضا على العاملين لحسابهم الخاص وتهربهم من الاشتراك الاختياري لكلفته العالية والبالغة 17.5 بالمئة من أجرهم الشهري.
وقال الخبير في التأمينات الاجتماعية موسى الصبيحي إن المشكلة لا تقصر على العاملين بشكل غير منظم فقط، وإنما هناك العديد من العاملين والعاملات في القطاعات المنظمة غير مشمولين بالضمان الاجتماعي، وتبلغ نسبتهم نحو 17 بالمئة وفقا لدراسات سابقة مؤسسة الضمان الاجتماعي.
وبين الصبيحي أن معظم العمالة غير المنظمة تتركز في قطاعات الزراعة والإنشاءات والنقل العام وأصحاب المهن الصغيرة وعمال الحِرَف.
ورأى الصبيحي أن توسعة الشمول تحتاج إلى الإدماج التدريجي للعاملين غير المشمولين بالضمان في القطاعات غير المنظمة، ومن ثم الذهاب إلى القطاعات غير المنظمة، كما يجب تقديم حوافز حقيقية من قبل الحكومة للعاملين في القطاعات غير المنظمة لتسهيل شمولهم بالضمان الاجتماعي.
أما مدير مركز حقوق العمل (بيت العمال) حمادة أبو نجمة، فقال إن الأسباب الرئيسية التي أدت إلى زيادة رقعة العمالة غير المنظمة هي استبعاد فئات عمالية واسعة من أحكام قانون الضمان الاجتماعي مثل عمال المنازل ومن يعملون أقل من 16 يوما في الشهر، إضافة إلى التهرب التأميني الكبير من قبل العديد من أصحاب العمل لأسباب تتعلق بعدم التوعية أو عدم الاهتمام أو العبء المالي.
وبين أبو نجمة أن عمليات التوعية والرقابة والتفتيش يجب أن تستند إلى بناء الثقة بين أصحاب العمل ومؤسسة الضمان الاجتماعي، لأن جزءا كبيرا من أصحاب العمل يرون أن الاشتراك بالضمان الاجتماعي هو عبء مالي عليهم وليس حقا لهم وللعاملين.
ورأى أن تعزيز الثقة يحتاج إلى تحسين المزايا والتأمينات التي تُقدمها مؤسسة الضمان الاجتماعي، مثل تغيير تأمين التعطل عن العمل ليصبح تأمين البطالة، إضافة إلى تطوير تأمين صحي عادل ومستدام.
وأكد المشاركون في الجلسة ضرورة تخفيض كلف الاشتراكات في الضمان الاجتماعي وبخاصة الاشتراك الاختياري الذي يُشكل عبئا على العاملين غير المنظمين، إضافة إلى توعية أصحاب العمل بحقهم وحق العاملين لديهم في الشمول بمظلة الضمان.