الرئيسية > "عمال الخدمات الصحية المساندة".. حقوق مهدورة وأجور متدنية

"عمال الخدمات الصحية المساندة".. حقوق مهدورة وأجور متدنية

الثلاثاء, 24 آب 2021
النشرة الالكترونية
Phenix Center
المرصد العمالي الأردني – مراد كتكت
يعاني آلاف العاملين والعاملات في قطاع الخدمات الصحية المساندة في مختلف المستشفيات الحكومية والخاصة، والمراكز الصحية والصيدليات والمختبرات وعيادات الأشعة، من ظروف عمل صعبة ولا يحصّلون أبسط حقوقهم..

إذ يتلقون أجوراً دون الحد الأدنى للأجور البالغ 260 ديناراً، ويحرمون من الإجازات السنوية والمرضية.

كما لا يستفيد هؤلاء من التأمين الصحي، ومنهم من يعمل لساعات عمل طويلة يومياً دون أجر إضافي، وسط تراخي الجهات التي يفترض أن تدافع عن حقوقهم.

خليل (اسم مستعار)، واحد من بين آلاف العمال في الخدمات الصحية المساندة الذين يتعرضون لانتهاكات في بيئة عملهم، ويعمل في أحد المراكز الصحية عامل نظافة، يقول إن أجره لا يجاوز الـ205 دنانير شهريا بعد اقتطاع نسبة اشتراكه في الضمان الاجتماعي.

ويوضح خليل لـ"المرصد العمالي الأردني" أن أجره يبلغ وفق سجلات مؤسسة الضمان الاجتماعي 260 ديناراً، إلا أن شركات إدارة الخدمات التي يعملون لديها تتحايل عليهم وتصرف لهم 220 دينارا فقط.

ويبين أنهم حاولوا أن يتقدموا بشكاوى إلى وزارة العمل أكثر من مرة إلا أن شركات الخدمات كانت تهددهم بفصلهم من العمل، ولفت إلى أن الشركة التي يعمل لديها فصلت قبل أسابيع نحو 10 عمال بسبب تقديمهم شكاوى إلى الوزارة.

ولا يقف الأمر عند هذا الحد، بل إن أي عامل أو عاملة تأخذ إجازة مرضية أو ليوم واحد يخصم من أجرها، ناهيك عن سوء المعاملة التي يتعرضون لها في بيئة العمل، وعدم شمولهم بالتأمين الصحي، وفق خليل، رغم خطورته الناجمة عن العمل في بيئة خصبة لانتقال الأمراض والتقاط العدوى.

أما نداء (وهو اسم مستعار أيضا) فتعمل كذلك في أحد المراكز الصحية، وتعاني نفس الظروف، تقول "إنهم يعيشون في حال من الرعب؛ فالكل مراقَب، وأي عامل أو عاملة تشتكي لزميلتها في العمل يجري استدعاؤها ويُخصم من أجرها".

وتوضح نداء لـ"المرصد العمالي" أن شركات الخدمات تستغل حاجتهم للعمل، فأغلبهم يعيلون أسراً، وهم بحاجة الـ220 ديناراً لتأمين احتياجاتهم وتسديد الالتزامات الديون والإيجارات المتراكمة عليهم.

وتشير دراسة معدة للنشر أجراها مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية بعنوان "استجابة الأردن لجائحة كورونا والآثار المترتبة على الحماية الاجتماعية للفئات الأكثر ضعفاً"، إلى أن العاملات في شركات الخدمات الصحية المساندة التي تختص بتقديم خدمات النظافة العامة للشركات والمستشفيات وغيرها، لا يتمتعن بمستوى معايير العمل اللائق، وأن المتوافر لهن "متواضع جدا"، وجزء كبير منهن غير مسجلات بالضمان الاجتماعي.

وأشارت الدراسة إلى أن أصحاب الأعمال يسجلون بعض العاملات والعاملين في الضمان ويحرمون الآخرين، واعتبرت ذلك شكلا من أشكال التهرب التأميني، كما أن العديد من العاملات في هذا القطاع يوقعن على عقود عمل بالحد الأدنى للأجور، ولكنهن يتسلمن أجورا أقل من ذلك.

ونبهت الدراسة إلى أن هنالك عمليات احتيال أخرى على القانون تتعلق بالحد الأدنى للأجور في هذا القطاع، تتمثل في زيادة عدد ساعات العمل بدل ثماني ساعات لتصبح 12 ساعة براتب يزيد عن الحد الأدنى للأجور قليلا، وفق الدراسة.

وأوضحت الدراسة أن معاناة العاملات في هذا القطاع ازدادت بسبب عدم دفع غالبية الشركات التي يعملن فيها أجور العاملين أثناء فترة التعطل التي جرت في الأردن خلال جائحة كورونا، كجزء من الإجراءات الحكومية لمنع تفشي الفيروس، ولم تستفد غير المسجلات في الضمان الاجتماعي من تأمين بدل التعطل.

رئيس النقابة العامة للعاملين في الخدمات الصحية محمد غانم، يقول إن هذه الانتهاكات لا تقصر فقط على قطاع الخدمات الصحية المساندة فقط، وإنما تشمل عمال الخدمات في أغلب الوزارات الأخرى ومديرياتها.

ويشير غانم، في تصريح إلى "المرصد العمالي الأردني"، إلى أن هناك انتهاكات وصلت حد "التحرش الجنسي" في بيئة العمل، وليس فقط في الأجور والإجازات المرضية والسنوية.

ويؤكد أنه تقدم بعشرات الشكاوى لوزارة العمل، إضافة إلى مذكرات عديدة رفعها إلى مجلس النواب، طالب فيها بتحسين ظروف عمال الخدمات من حيث الأجور والإجازات وشمولهم بالتأمين الصحي، لكن دون استجابة حتى الآن.

ويبين أن النقابة حاولت أكثر من مرة التواصل مع هؤلاء العمال لمعرفة الانتهاكات التي تُمارس بحقهم والدفاع عن حقوقهم، إلا أن أغلبهم كان يأبى التحدث خوفاً من فصلهم من العمل.

مدير بيت العمال حمادة أبو نجمة بدوره يرى أن السبب في حدوث هذه الانتهاكات هي العطاءات التي تطرحها الحكومة لشركات إدارة الخدمات من أجل توظيف عمال الخدمات في الوزارات ومديرياتها، التي غالباً ما تأخذ الأقل سعراً فيها.

ويوضح أبو نجمة لـ"المرصد العمالي" أن شركات الخدمات تتقدم بأقل الأسعار لتأخذ العطاءات وتعوض انخفاض هامش الربح من العطاء على حساب أجور العاملين والعاملات لديها.

ويشير إلى عدم وجود نظام تفتيش فعال من قبل وزارة العمل لمخالفة مرتكبي هذه الانتهاكات، وهو ما أدى إلى توسعها وانتشارها.

ويبين أبو نجمة أن أغلب شركات الخدمات لا تلتزم بأحكام قانون العمل من حيث الاجازات المرضية والسنوية، وهو ما يشكل "انتهاكاً صارخاً" بحق العمال.

ويرى أبو نجمة أن الحل هو تفعيل دور مفتشي العمل لرصد هذه الانتهاكات ومخالفة مرتكبيها، وان تضمن الحكومة في شروط العطاءات بنوداً تحمي حقوق العمال وتأمنها وبخاصة ما يتعلق بأجورهم.

كذلك إيجاد آلية بالتنسيق مع وزارة العمل تمنع الشركات التي لها سجل حافل بالانتهاكات من المشاركة في التقدم للعطاءات.

ونصت الفقرة (أ) من المادة (61) من قانون العمل على أنه "لكل عامل الحق بإجازة سنوية بأجر كامل لمدة أربعة عشر يوماً عن كل سنة خدمة، إلا إذا تم الاتفاق على أكثر من ذلك، على أن مدة الإجازة السنوية 21 يوماً إذا أمضى في الخدمة لدى صاحب العمل نفسه خمس سنوات متصلة".

كما نصت المادة (65) على أنه "لكل عامل الحق في إجازة مرضية مدتها أربعة عشر يوماً خلال السنة الواحدة بأجر كامل بناءً على تقرير من الطبيب المعتمد من قبل المؤسسة".

وكان مركز الفينيق أصدر دراسات سابقة عن ظروف العمل الصعبة التي يعاني منها العاملون في قطاع الخدمات الصحية المساندة.

ومن هذه الدراسات، دراسة بعنوان "العاملون في الخدمات الصحية المساندة.. عمالة مسلوبة الحقوق" توصلت إلى أن معظم الحقوق الأساسية للعاملين في هذا القطاع، المنصوص عليها في قانون العمل وقانون الضمان الاجتماعي، "مسلوبة" أكان لجهة انخفاض أجورهم عن الحد الأدنى للأجور أو ساعات العمل الطويلة أو تعرضهم لشبهة العمل الجبري.

كذلك بينت الدراسة أنهم محرومون من الاجازات السنوية والمرضية والرسمية والحصول على بدل العمل الإضافي، وحقهم في الاشتراك بالضمان الاجتماعي، وتوفير شروط السلامة والصحة المهنية وغيرها من الحقوق العمالية الأساسية.

وقدر عدد هؤلاء العمال، وفق الدراسة بـ10 آلاف عامل وعاملة، وتشكل العمالة الوافدة غالبية العاملين في هذا القطاع، إذ تبلغ نسبتها ما يقارب الـ80 بالمئة، أغلبهم من المصريين ونسبة قليلة من العمالة الآسيوية.