الرئيسية > الطبخ في المنزل ... هواية ومهنة ومصدر رزق للنساء

الطبخ في المنزل ... هواية ومهنة ومصدر رزق للنساء

الاحد, 11 تشرين الأول 2020
النشرة الالكترونية
Phenix Center
الطبخ في المنزل ... هواية ومهنة ومصدر رزق للنساء
المرصد العُمّالي الأردني 
قبل أن تبدأ رِهام التميمي (45 سنة) مشروعها في الطبخ المنزلي، كانت معروفة بمهاراتها في الطبخ، وكان جيرانها وأقاربها يستعينون بها لتساعدهم في العزائم، تحت بند تسميه مبتسمةً "خدمات عامة".
اقترحت عليها إحدى جاراتها أن تستثمر مهارتها في الطبخ لبيع أصناف طعام تتطلب مهارة عالية، أو تتطلب وقتًا وجهدًا لا تملكه النساء العاملات، مثل الكبة والشيشبرك والمحاشي. 
خلال الثلاث سنوات الماضية، تنوعت قائمة الوجبات التي تبيعها (رهام) من مطبخ منزلها المستأجر في الزرقاء. وهي إضافة إلى الأصناف السابقة الذكر، تقوم بتحضير وجبات الغداء اليومية مثل الملوخية والمنسف والمقلوبة والكبسة وغيرها.
جاء هذا استجابة لاتساع قاعدة زبائنها، وتنوعهم، فإضافة إلى ربات البيوت، والنساء العاملات، انضم إلى قائمة زبائنها موظفو شركات قطاع خاص يطلبون وجبات الغداء إلى مكاتبهم. كما صارت تتعامل مع عائلات تُكلّفها بتجهيز عزائم، أو أعياد ميلاد.
تقول (رهام) إن الفئة الأكبر التي تستفيد من مشروعها، هي النساء العاملات اللواتي لا يجدنَّ الوقت الكافي للطبخ بحكم طبيعة عملهنَّ، وعرفت منذ البداية أنهنَّ في الغالب طبقة معينة من العاملات في القطاع الخاص. يرجع ذلك لسببين: الأول أن موظفات "الحكومة" يتمتعنَّ بدوام قصير نسبيًا، لا يتجاوز الثالثة عصرًا، ولديهنَّ بالتالي متسع أكبر لتحضير الطعام، والسبب الآخر يتعلق بأسعار الوجبات فرغم أنها تبيع الوجبة التي تكفي ثلاثة أشخاص بأسعار تتراوح بين 5-9 دنانير، وهي أسعار تقول إنها رخيصة مقارنة بمثيلاتها في المطاعم المنزلية، تظل هذه أسعار لا تتحملها كممارسة شبه يومية، إلا الفئة المرتاحة اقتصاديًا وأغلبها موظفات من القطاع الخاص.
تحمل (رهام)، وهي أم لطفلين، ماجستير في الكيمياء من الجامعة الهاشمية، ورغم ذلك فإن تجربتها في الوظيفة لا تتجاوز أشهر قليلة عملت خلالها في التعليم، لكنها تركت العمل لأنها لم تتحمل اجتماع ضغط الوظيفة مع أعباء الأسرة، "مشروع الطبخ المنزلي أريح بكثير، أمارسه يوميًا في المنزل وبذات الوقت أرعى أطفالي، إضافة إلى أنني أحقق شغفي الكبير في الطبخ".
لتجهيز الطلبيات، تخصص رهام خمس ساعات يوميًا تقريبًا، ويجب على الزبون أن يطلب قبل يوم أو يومين، حتى يكون لديها مجال لشراء المكونات من لحوم وخضار وغيره، وتستقبل جميع الطلبات من الزبائن هاتفيًا. 
تسعير الوجبات يتم استنادًا إلى كلفة المكونات، والجهد المبذول في تحضير الوجبات، لكنهما ليسا العاملين الوحيدين في تحدي الأسعار، فهناك أيضًا كلفة للتغليف الذي يضاف إلى السعر الرئيسي. فثمن الطبق الذي يوضع فيه الطعام، مثلًا، 30 قرشًا، أي 5% من سعر وجبة ثمنها 6 دنانير.
وهناك بالطبع، كلفة التوصيل، التي تقول (رهام) إنها مصدر إزعاج لكثير من الزبائن، لذلك تعرض على الزبائن إن كانوا قريبين من منزلها أن يأتوا بأنفسهم لاستلام الوجبة، أما الطلبات البعيدة فتلجأ (رهام) إلى التعامل مع أحد شركات النقل الخاصة بغرض التوصيل، إذ إن الخصومات التي تحصل عليها، ويستفيد منها الزبائن، تساعد إلى حد ما على خفض كلفة التوصيل.
تعتمد (رهام) في نجاح مشروعها الحالي على "السوشيال ميديا"، "وإذا لم يكن لصاحبة المشروع حضور على مواقع التواصل الاجتماعي، فإن عملها سيظل محصورًا في دائرة ضيقة جدًا". إضافة إلى أن الفكرة تلبي حاجة في السوق.
ترتبط كمية الطلبات بشكل واضح -حسب (رهام)- بالرواتب، إذ تنتعش الطلبات نهاية الشهر، وتستمر كذلك في الأسبوع الأول منه، ثم تركد قبيل نهاية الشهر. وترتبط أيضًا بالمواسم، بالتحديد في رمضان والأعياد. وقبل عشرة أيام من انتهاء رمضان، تبدأ طلبات المعمول والكعك.
لم يتأثر عمل (رهام) بتبعات فيروس "كورونا المستجد" بشكلٍ سلبي، على العكس، فالطلبيات ازدادت بعد الأزمة، "الناس صارت تخاف تأكل من المطاعم، وبالنسبة لهم الطبخ المنزلي مضمون أكثر"، إذ اقتصرت الخسارة في الربح بأشهر الحظر الأولى في منتصف آذار وأبريل وأوائل أيّار، لتنفرج الأمور لاحقًا وتُعوض رهام كافّة خسائرها.
من غير المعروف عدد النساء العاملات في مشاريع الطبخ المنزلي، فالمهنة التي تندرج ضمن اقتصاد الظل، هي قطاع غير مُنظّم. لكن هناك ما يؤشر على أن مئات النساء في المملكة يعملنَّ، مثل (رهام)، في إطار مشاريع طبخ منزلي، تختلف في حجمها، وطبيعتها ونوع الزبائن الذين تستهدفهم، وتشترك جميعها في أن صاحباتها ربّات بيوت، يُدرنَّ مشاريعهنّ من مطابخهن الصغيرة، مستخدمات فرن العائلة، وثلاجتها وطناجرها.