الرئيسية > "المرصد العمّالي" يستطلع أحوال العاملين في قطاع الحِدادة

"المرصد العمّالي" يستطلع أحوال العاملين في قطاع الحِدادة

الاثنين, 14 أيلول 2020
النشرة الالكترونية
Phenix Center
المرصد العمّالي الأردني- يندرج قطاع الحدادة تحت قائمة القطاعات العمّالية غير المنظمة، والتي يواجه عمّالها صعوبات عديدة، تكمن في عدم استقرار مصدر رزقهم، واحتمال غياب هذا المصدر وانقطاعه في حال أصاب القطاع الركود، أو تعرّض للتعطّل في حالة الوباء، وهو ما حدث مع العاملين في قطاع الحدادة أثناء وبعد جائحة فيروس "كورونا المستجد".
حالة الركود ومعاناة عمّال المياومة، ومنهم الحدادين، تعمّقت مع الحظر الشامل وإغلاق القطاعات الاقتصادية، وغيرها من الإجراءات التي كان هدفها الحدّ من انتشار فيروس "كورونا المستجد" في المملكة، وازداد الحال ضيقًا على عامّة الناس، مما جعلهم أكثر حرصًا على ترتيب أولوياتهم في الإنفاق والتركيز على الأساسيات.
استقرت أسعار الحديد والألمنيوم والآلات المُستخدمة في الحدادة، مقابل تدهور الوضع الاقتصادي لعامّة الناس، وانخفضت نسبة حاجتهم واقبالهم على محلات الحدادة، الأمر الذي أثّر بدوره على حال العاملين إما بتعطّل أعمالهم أو تسريحهم من العمل، أو تخفيض أجورهم.
كما انه لا تتمتع النسبة الغالبة من العاملين في هذا القطاع بأي نوع من التأمينات، خاصة الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي، وهنا تكمن خطورة هذه المشكلة بالنظر لخطورة العمل في هذا القطاع، وما يشكله ذلك من احتمالية تعرّض العاملين لحوادث وإصابات مهنية خطيرة.
(سعيد)، عامل في محل حدادة، في عمّان، يقول إن قطاع الحدادة يعيش حالة ركود منذ سنوات، فإلى جانب الفوضى في وجود محلات غير مرخصة تمارس أعمال الحدادة دون رقابة، فإن أسعار الحديد ارتفعت إلى مستويات عالية، مع انخفاض نسبة البيع لدرجة يتعذّر معها الوفاء بالالتزامات المترتبة على المحل.
يشير (سعيد) إلى أن صاحب العمل قام بتخفيض الأسعار أقل من المُعتاد، حرصًا على استمرارية العمل، ومراعاة لظروف الناس، الأمر الذي أدى بطبيعة الحال إلى تخفيض الأجور العاملين في المحددة. 
"قبل فيروس كورونا المستجد كانت نسبة الإقبال جيدة، لكن مع ظهور أول حالة إصابة أُغلق المحل، وانخفض الراتب إلى النصف، فبدلًا من الحصول على 100 دينار أسبوعيًا، صرتُ احصل على 50 ديناراً".
وبين (أسعد)، الذي كان يعمل في محددة في الكرك، من عمله في شهر أيار، بعد تراكم فواتير الكهرباء والمياه على صاحب المحل، إلى جانب إيجار المحل، مما دفع الأخير إلى إغلاقه نهائيًا.
وعلى أثر ذلك، قام (أسعد) ببيع الخضراوات والفواكه على "بسطات" أمام المساجد داخل أحياء الكرك.
(محمد)، عامل في محل حدادة، بمدينة الزرقاء، بيّن أن أوضاع سوق الحدادة "تزداد هشاشة" في الوقت الحالي، مشيرًا إلى أن حجم العمل انخفض بنسبة لا تقل عن 80 بالمئة مقارنة بالعمل قبل 3 سنوات.
يستلم (محمد) راتب 120 دينار أسبوعيًا، يتحمّل تكاليف إيجار منزله، إضافة إلى إعالة أسرته، وفواتير المياه والكهرباء. حاول مرارًا التقديم على دعم عمّال المياومة، الذي طرحته الحكومة، دون فائدة.
"العمل صار حلمًا صعب المنال في هذه الظروف"، يقول (محمود)، نجّار متنقل في إربد.
يعتمد (محمود) على مركبته في التنقل بين الأحياء والمُدن للعمل. مع الحظر الشامل تعطلّ عمله تمامًا لثلاثة أشهر، ومع رفع الحظر حاول (محمود) أن يُقلل من أسعار الخدمة التي يقدمها حتى يستطيع الوفاء بالتزامات منزله ودفع مصاريف مركبته.
يقول (محمود): "تمر أيام عديدة دون عمل، وأيام أخرى أعود إلى المنزل بـ 20-40 ديناراً، كيف يمكن لهذا المبلغ أن يُلبي الاحتياجات اليومية الأساسية لربّ المنزل؟".
ويعمل (رائد) حدادًا في عمّان منذ 30 سنة، لكن عمله لم يوّفر له إلا حاجاته الأساسية للعيش لم تبنِ له بيتًا، أو توّسع مجال عمله، ولم يستثمر في أرباحه، "مبيعات المحل ودخله يا دوب يطعمينا ويكسينا". 
يرجع (رائد) ضعف القطاع إلى المشاكل والمعيقات التي تواجه مهنة الحدادة، منها ارتفاع أسعار الحديد والمواد الأولية، إضافة إلى ارتفاع أسعار الماكينات المستخدمة بعمل الحدادة، خصوصا تلك التي تمتلك مواصفات وتقنية عالية في نظام العمل.
أما هذه السنة بما فيها من مستجدات، جعلت العمل في القطاع "الأكثر صعوبة" بالنسبة لـ (رائد)، بسبب تعطّل العمل في موسم الصيف، وهو الموسم الذي تعتمد عليه غالبية القطاعات لزيادة أرباحها.
وكان يعمل لدى (رائد) ثلاثة عمّال، تتراوح رواتبهم الأسبوعية بين 20– 120 ديناراً، لكن لصعوبة الظروف وضيق الحال، وعجزه عن دفع الرواتب أضطر إلى تسريح اثنين من العالمين لديه وأبقى على الأخير.
وبحسب وزارة العمل فإن قطاع النجارة يفتقد إلى نقابة خاصة، تنظم القطاع وتسيّر أعماله.
ويُقدر عدد العاملين في القطاع ما بين 6 آلاف إلى 8 آلاف عامل، يعملون في ما يُقارب 3000 إلى 3500 محل في المملكة.