الرئيسية > هل تحد خدمة العلم من البطالة؟

هل تحد خدمة العلم من البطالة؟

الخميس, 10 أيلول 2020
النشرة الالكترونية
Phenix Center
هل تحد خدمة العلم من البطالة؟
المرصد العمّالي الأردني- نديم عبد الصمد 
تباينت ردود فعل الخبراء والمحللين حول إعادة خدمة العلم من جديد كأداة لمواجهة الفقر والبطالة، في الوقت الذي أعلنت فيه دائرة الإحصاءات العامة عن أحدث أرقامها حول البطالة، والتي ارتفعت في الربع الثاني من هذا العام إلى 23% بازدياد مقداره 3.7% عن الربع الأول. 
ما أن أُعلنت اتفاقية التعاون بين وزارة العمل والقوات المسلحة الأردنية حتى ثارت التحليلات والآراء حول مدى نجاح تجربة الخدمة العسكرية وتليها المدنية في تخفيف نسب الفقر والبطالة، وانعكاس التجربة على فئة الشباب في المجتمع الأردني، خاصة وأن إعادة تشكيل خدمة العلم ليست الأولى من نوعها خلال السبع سنوات الماضية. 
وستكون مدة الخدمة 12 شهرا يتم خلالها منح المكلف مبلغاً شهرياً مقداره 100 دينار يتلقى خلالها تدريبا عسكريا مدته 3 أشهر ومن ثم التوزيع تبعا لاحتياجات فرص التدريب العملي تحضيرا لسوق العمل، كما ستكون الخدمة إلزامية للأردنيين الذكور من الفئة العمرية بين 25 إلى 29 سنة ممن لا يعملون وليسوا على مقاعد الدراسة أو خارج البلاد أو أرباب اسر. 
وكانت الحكومة قد أطلقت العديد من برامج التشغيل منذ عام 2013 بهدف التقليل من نسب البطالة بين الشباب في المملكة، إلا أن نسب البطالة ظلت في ازدياد مضطرد، إذ بلغت نسبة البطالة في عام 2013 (11%)، وارتفعت في عام 2014 إلى (12.3%) واستمرت بالصعود حتى وصلت عام 2017 (13.8%) وفي عام 2018 (18.6%) إلى أن وصلت الى (23%) خلال الربع الثاني من العام الحالي.
تحدث محمد المومني، وزير الدولة الأسبق لشؤون الإعلام، حول الأثر الاقتصادي الذي ستخلفه برامج خدمة العلم مقدرا تكلفتها المالية بنحو ستين مليون دينار بالسنة، وقد لا تقوى عليها الخزينة، مشددا على أولوية دعم أعمال الشباب من خلال تسديد استحقاقات الضمان والذي سيكون أجدى وأكثر استدامة من مجرد تدريبهم وإعادتهم لسوق العمل بعد سنة. 
 وحول رفع انضباطية وجدية الشباب، يقول المومني أن الحل يكمن في مرحلة التعليم المدرسي، مشيرا إلى ضرورة تفعيل البرامج والمعسكرات في المدارس وأن تصبح إلزامية على جميع الطلبة في المدراس الحكومية والخاصّة، عوضا عن إعادة خدمة العلم المكلفة بشكلها الحالي.
أشاد أحمد عوض، مدير مركز الفنيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، بإيجابية تدريب وتأهيل الشباب بالتعاون مع القوات المسلحة، فبرأيه أن مشاريع تأهيل الشباب والشابات للانخراط في سوق العمل خطوة في الاتجاه الصحيح في حال كانت الوظائف المطروحة للشباب لائقة، إذ يتخوف الأردنيون من الانخراط في سوق العمل بسبب عدم ملاءمتها وانخفاض مستويات الأجور والتهرب التأميني في القطاع الخاص، وعدم موائمة ظروف العمل العادلة والمنصوص عليها في التشريعات المحلية والعالمية.
وأضاف عوض أن محاولات إيجاد فرص عمل جديدة تحتاج إلى تغيير في سياسات التعليم، والتغيير نحو سياسات اقتصادية فعّالة تشجع الاستثمار الأجنبي والمحلي وتساعد على توليد فرص عمل جديدة. مؤكدا على أهمية فلسلفة خدمة العلم التي صاغتها الحكومة كمحاولة لإحلال العمالة الوطنية محل الوافدة، إلا أن مضمون هذه الفلسفة قريب من فكرة العمل القسري التي تجبر الشباب على العمل في القطاع الخاص بصيغة إلزامية.
وفي جانب متصل، يلفت حمادة أبو نجمة، خبير في سياسات العمل، إلى أن التعاون بين القوات المسلحة والقطاع الخاص إيجابي، وسيركز على مهن وأعمال حرفية وتقنية، بحيث سيتيح الفرصة للقطاع الخاص بأن يحصل على احتياجاته من العمالة الأردنية المؤهلة والمدربة، مستدركا، بأنه غير كاف وحده، إذ يجب أن يكون هناك دور لأصحاب العمل الخاص في تصميم البرامج والتدريبات المقدمة للشباب.
يرى أبو نجمة أن الأولوية تكمن في الحفاظ على فرص العمل القائمة، عبر تقديم دعم فعّال للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وحماية العاملين من الفصل، وحماية حقوقهم، والحد من التغوّل على أجورهم، والعمل على تعزيز دور القطاعات الأقل تأثرا بالأزمة في إمكانية توفير فرص عمل جديدة فيها، وبشكل خاص تلك التي استفادت من الأزمة في تنمية وتعزيز إنتاجيتها. 
في حين ناقش اقتصاديون وخبراء انعكاس مشروع إعادة تفعيل خدمة العلم على نسب البطالة والفقر في الأردن، ذهب الصحافي ماهر أبو طير إلى مناقشة سيسولوجية اختيار العينة المقصودة، بناء على فرض الخدمة على فئة الشباب الأكثر فقرا أو الفئة التي لا تجد عملا، ولا تستطيع أن تؤسس مشروعا صغيرا أو تكمل تعليمها أو تسافر، فيرى أنه في هذه النقطة طبقية في بعض أوجهها ويجب الوقوف عندها.  
وتحدث أبو طير عن فترة الخدمة المدنية بعد التدريب العسكري، أي فترة التسعة شهور، معتقدا أنه سيتحول فيها الإنسان إلى أجير رخيص عند القطاع الخاص، بأجر قليل، قد لا يقبله حتى العاطل عن العمل، بهذه الطريقة والكيفية والمبررات، متخوفا من قيام الشركات والمؤسسات والمصانع بالاستغناء عن موظفيها الأردنيين بحجة استقبال "متدربين" من الملتحقين بخدمة العلم. 
واقترح أبو طير في مقالته، أن يتم الفصل بين التدريب العسكري، والخدمة المدنية، وأن يتم تحويل الخدمة كاملة إلى خدمة عسكرية لمدة ثلاثة شهور تكون إجبارية على الجميع ولا تستثني أحدا، فيما الخدمة المدنية بعد التدريب العسكري تكون اختيارية وليست إجبارية.